يصل الى
بيروت الخميس رئيس الحكومة
المصرية مصطفى مدبولي، في زيارة تستمر ليومين، وتكتسب اهمية بارزة من حيث التوقيت والشكل والمضمون، اذ تأتي بعد ساعات من اجتماع باريس، وعشية اجتماع لجنة الميكانيزم، وسط معلومات عن تفعيل السفير
الاميركي ميشال عيسى لاتصالاته بسفراء «خماسية باريس» في بيروت.
مصدر مطلع، وضع الزيارة في سياق المسعى المتجدد لوقف التصعيد وسحب فتيل أي انفجار، خصوصا في ظل المخاوف الاقليمية والدولية من ان يؤدي أي تصعيد في
لبنان الى اجهاض وقف اطلاق النار في غزة.
وفي هذا الاطار كتبت" الديار": كشفت المعلومات ان مسؤولا اميركيا رفيعا زار القاهرة خلال الايام الماضية، حيث عقد سلسلة من اللقاءات تناولت الوضع اللبناني، والتقدم الذي احرزته «الوساطة المصرية»، بعد نجاح ديبلوماسيتها في التواصل المباشر مع حارة حريك، مشيرا الى ان «زيارة رئيس المخابرات اللواء حسن رشاد كانت أمنية، ووزير الخارجية عبد العاطي ديبلوماسية، أما الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء فسياسية بامتياز».
وكتبت صونيا رزق في" الديار": ما زالت القاهرة تقوم بالمبادرات تجاه لبنان، فتتواصل زيارات مسؤوليها للوصول الى حلول تجنّبه الحرب الواسعة.
واوضح مصدر سياسي مطلع على فحوى زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بأنه يحمل رسائل تحذيرية اخيرة على غرار المسؤولين المصريين والغربيين، الذين زاروا لبنان قبل فترة، مفادها انّ الوضع خطير، وعلى الدولة
اللبنانية ان تلتزم بالقرارات الدولية، أولها "حصرية السلاح" في يدها ، وسحب سلاح
حزب الله من جنوب الليطاني قبل نهاية الشهر الجاري. واشار المصدر الى انّ رئيس الوزراء المصري سيعمل من خلال الوساطات الديبلوماسية، على تجنيب لبنان الحرب الكبرى او على الاقل تأخيرها، وسيحمل فحوى الرسائل بدقة الى مسامع كبار المسؤولين اللبنانيين في بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي.
وعن إمكانية اجتماع رئيس الوزراء المصري مع مسؤولين في حزب الله ، نفى المصدر ذلك وقال:" لم يُدرج اي موعد للقاء بين الطرفين، لكن مسار الوساطة قائم مع عواصم القرار وخصوصاً
واشنطن، لمنع اي تطور عسكري ضد لبنان، مشدّداً على "ضرورة ان تلاقي حارة حريك الطرح المصري بإيجابية".
واشار المصدر المذكور الى تلقي احد الوزراء اللبنانيين معلومات منذ ايام قليلة، خلال اجتماعات مع ديبلوماسيين غربيين وعرب، بأنّ عملية عسكرية اسرائيلية ضد لبنان باتت وشيكة، مما يؤكد التحذيرات التي ينقلها مدبولي في هذا التوقيت. وعلى الخط الديبلوماسي يبرز تحرّك على خطوط القاهرة – واشنطن – طهران و"تل ابيب"، بهدف الوصول إلى تسوية يوافق عليها حزب الله، للوصول الى حل يرتكز على ترتيبات امنية، توصل في نهاية المطاف الى منع الانزلاق ، ومن ثم الى التأسيس لمرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة، من خلال الرهان على دعم واشنطن لصورة السلام في المنطقة، والضغط الجدّي على "اسرائيل" لوقف كل الانتهاكات والاعتداءات على لبنان والانسحاب من لبنان.
وكتب حسين زلغوط في" اللواء":تأتي الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى لبنان، في توقيت بالغ الحساسية، حيث يقف لبنان على حافة توازن دقيق بين احتواء التصعيد والانزلاق إلى مواجهة واسعة، في ظل أوضاع إقليمية مضطربة وضغوط دولية متزايدة. ولا يمكن قراءة هذه الزيارة بوصفها حدثاً بروتوكولياً أو تضامنياً فحسب، بل كتحرك سياسي محسوب يحمل في طياته رسائل ومقترحات تتجاوز الشكل إلى الجوهر، وتعكس دورا مصريا يسعى إلى إعادة إنتاج نفسه كلاعب عربي مركزي في منع الانفجارات الكبرى. تنطلق المقاربة المصرية من قناعة راسخة بأن أي حربا جديدة في لبنان لن تبقى ضمن حدوده، بل ستتحوّل سريعاً إلى حلقة إضافية في سلسلة اشتباكات إقليمية مفتوحة، ما يضع الأمن القومي العربي أمام مخاطر غير محسوبة. من هنا، فإن الهدف الأول للزيارة يتمثل في المساهمة في إبعاد شبح الحرب، ليس عبر شعارات سياسية، بل من خلال محاولة إعادة إدخال الملف اللبناني إلى مدار الإدارة السياسية بدل تركه رهينة المعادلات العسكرية. في هذا الإطار، تشير المعلومات إلى أن القاهرة قد تطرح، ولو بشكل غير معلن، فكرة تمديد المهلة الزمنية لحصرية السلاح ، لكن ليس كإجراء تقني أو شكلي، بل ضمن مقاربة سياسية أوسع.
ما من شك أن زيارة رئيس الوزراء المصري إلى بيروت تعكس محاولة جدية لإعادة إدخال العقل السياسي إلى المشهد اللبناني، في لحظة تغلب عليها لغة التهديد والمهل والضغوط. مصر لا تأتي بوصفة جاهزة، لكنها تحمل تصوّرا يقوم على كسب الوقت، وتخفيف الاحتقان، وربط أي استحقاق داخلي بسياق إقليمي أوسع.