كتب عمر البردان في" اللواء": إذا كان
لبنان يتحضر لبدء سحب السلاح غير الشرعي من شمال نهر الليطاني، إلا أن المعطيات المتوافرة، لا توحي بأن الأمور ستكون بهذه السهولة التي يتصورها البعض. ومع أن لغة التهديد والوعيد قد خفت بعض الشيء، في أعقاب انضمام السفير سيمون كرم إلى اجتماعات"الميكانيزم"، إلا أن كل ذلك، يبقى رهناً بنتائج الاجتماع المنتظر في
البيت الأبيض آخر هذا الشهر، بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء
الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي ينشط الموفدون والوسطاء العرب والأجانب، لتذليل حجم المخاطر التي تتهدد لبنان، فإن الفرنسيين من جانبهم يشعرون بالقلق على لبنان أكثر من غيرهم.
وإذا تحاول
إسرائيل زيادة وتيرة ضغوطاتها العسكرية على لبنان، باستهداف المزيد من عناصر "
حزب الله"، فإن ذلك يشكل دافعاً لرفع منسوب الخشية مما يضمره
الاحتلال للبنان في المرحلة المقبلة، في ظل تنامي شعور أميركي لدى البعض في إدارة الرئيس
ترامب، بضرورة توفير تغطية لإسرائيل لشن حرب جديدة ضد لبنان الذي لم يستطع جيشه تزع سلاح "حزب الله" . وهذا قد يعطي إسرائيل التي تنسق بشكل دائم مع
واشنطن، مبرراً لعمل عسكري يستهدف الاراضي
اللبنانية ، إذا أدرك الاحتلال أنه لم يعد هناك مفر من القيام بهذه الخطوة، والتي يمكن أن تترتب عنها نتائج بالغة الخطورة على لبنان، وهو الذي لا زال يعاني من تبعات الحرب الأخيرة. ومن هنا مصدر الإلحاح الفرنسي على ضرورة إسراع
بيروت في حسم موضوع سلاح "حزب الله"، لعدم إعطاء إسرائيل الذريعة لشن حرب جديدة .
وكتب ابراهبم بيرم في" النهار": في الساعات الماضية، برز فجأة كلام مفاده ضرورة إيجاد منطقة عازلة في البقعة الجغرافية المعروفة بمنطقة ما بين النهرين، الليطاني والأولي، وهو ما استدعى التساؤل عن طبيعة المقصود من هذا الطرح الذي اقتحم قاموس التداول اليومي: هل هو استتباع لعملية حصر السلاح بيد الدولة، أم أن غايته تكريس عملي للمنطقة الأمنية التي طالما أفصحت إسرائيل عن رغبتها الصريحة بتحقيقها؟
وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل أعادت الاعتبار أخيرًا إلى فكرة «السياج الأمني»، لكنها شاءت هذه المرة أن تعززه من خلال الدعوة إلى توسيعه ليصل أولًا إلى الليطاني، ويتوسع أكثر لاحقًا ليبلغ حدود منطقة ما بين النهرين.
«حزب الله» يستشعر منذ زمن أن إسرائيل لن تُنجز انسحابها من التلال الحدودية الخمس التي أبقت سيطرتها عليها، ولن توقف عدوانها اليومي، إلا إذا فرضت شروطًا وظروفًا أمنية تؤمن لها فرض منطقة أمنية عازلة، لها وحدها حق وضع مواصفاتها، وتمتد لتصل إلى مجرى نهر الليطاني، فتؤمّن حدود هذه المنطقة بُعدًا عن الحدود يتراوح بين 40 و70 كيلومترًا.
ويقول الخبير العسكري العميد المتقاعد حسن جوني إن إسرائيل تحاول ترسيخ فكرة أن الحزب يعيد بناء قدراته العسكرية استعدادًا لعودته إلى القتال والمواجهة، حتى تبرر هجماتها من جهة، وتبرر في الوقت نفسه توسيع نطاق هجماتها لتشمل شمال الليطاني وصولًا إلى أقاصي
البقاع من جهة أخرى.
ويستنتج العميد جوني أن الأهداف
الإسرائيلية «تحولت من عملياتية إلى جغرافية، لذا تحرص على إبقاء منطقة شمال النهر تحت الاستهداف المباشر».
ويقول الخبير الاستراتيجي العميد الركن المتقاعد إلياس فرحات: «لاحظت أن مصدر هذا الطرح المستجد غربي، وقد برز خلال الـ48 ساعة الأخيرة على شكل تسريبات إعلامية، وهو ما يعني أنه طرح استجد بعد تطور المفاوضات بين لبنان وإسرائيل عبر الميكانيزم. وهو في كل الأحوال يعد تطورًا سياسيًا – ميدانيًا فرض معادلة مختلفة على مسار المفاوضات نفسها وعلى المشهد الجنوبي عمومًا».
وأضاف: «إن واقع الحال هذا فتح الأبواب أمام بروز مثل هذا الطرح (ما بين النهرين). وفي تقديري، هو جزء من حملة التهويل المستمرة على لبنان، توطئة لفرض وقائع جديدة لم تكن مدرجة أصلًا في اتفاق وقف النار المستند إلى القرار الأممي الرقم 1701. إذ ليس خافيًا أن حدود هذا الاتفاق جنوب الليطاني، وينص على العودة إلى اتفاق الهدنة عام 1949، ويقضي أولًا بانسحاب إسرائيل واحترام سيادة لبنان. أما وضع منطقة شمال النهر، فيعود أمر البت به إلى الحكومة اللبنانية وحدها كونه شأنًا داخليًا، وعلى الحكومة اللبنانية التمسك بهذه المعادلة
إلى أقصى الحدود، لأن التراجع عنها أو قبول المساومة عليها من شأنه أن يدخل البلاد في إشكالات داخلية هو في غنى عنها».
وردًا على سؤال، أجاب العميد فرحات أنه «لا يمكن من الآن استشراف ما إذا كان المقصود من طرح (ما بين النهرين) هو حصر السلاح فقط أم فرض منطقة أمنية تضع إسرائيل مواصفاتها. وأعتقد أن طرحه هو عبارة عن جسّ نبض لمعرفة ردود الفعل اللبنانية، ليُبنى على الشيء مقتضاه»