يقف لبنان على مشارف انتهاء عام 2025 من دون أن يكون قد حسم موقعه بين منطق الحرب ومنطق الاستقرار. فالسنة التي توشك على طيّ صفحاتها لم تشهد توسّعاً شاملاً للمواجهة، لكنها لم تُنتج في المقابل أي معادلة ردع سياسية أو أمنية قابلة للصمود، في ظل رفض «حزب الله» البدء بالمرحلة الثانية من خطة حصرية السلاح في شمال الليطاني، مقابل تهديدات إسرائيلية متواصلة.
وكتبت" الشرق الاوسط": يتحرّك لبنان سياسياً ودبلوماسياً في التعامل مع التهديدات
الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية، وتبرز مقاربة تعتبر أنّ ما يعمل عليه لبنان هو منع الانفجار الكبير، حسبما تقول مصادر نيابية، مشيرة إلى أن ما يجري يبدو كأنه «إدارة مؤقتة للمخاطر، في ظل غياب الضمانات الدولية، وتشابك المسارات الإقليمية، واستمرار العجز الداخلي عن إنتاج قرار سيادي جامع»، في وقت تعمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم) أداة ضبط، في مقابل بقاء إسرائيل خارج أي التزام سياسي ملزم، ما جعل الالتزام اللبناني أحادي الاتجاه.
وكتبت" الديار":استمر تفاؤل رئيس الجمهورية جوزاف عون «بابتعاد شبح الحرب» من بكركي، مسار جدل واسع بين من يراه قراءة واقعية للمعطيات الميدانية والسياسية، ومن يعتبره تفاؤلا مبالغا فيه استنادا الى التجارب السابقة، حيث قرأ الكثيرون في الطمأنينة التي تعكسها اوساط بعبدا، خطوة لتهدئة الداخل ومنع الانزلاق إلى مناخ «هلع جماعي».
مصادر مقربة من بعبدا اعادت هذا الجو الى التقارير الميدانية التي تعدها قيادة الجيش والتي تجزم ان لا مؤشرات حاليا لقرار إسرائيلي بشن حرب شاملة، وهو ما يبينه تموضع القوات وانتشارها على طول الحدود، الذي يؤكد على استمرار المواجهة ضمن قواعد الاشتباك الحالية، هذا فضلا عن الارادة الدولية الواضحة، ولا سيما الأميركية، لمنع توسع النزاع، وهو ما يلمسه عون من لقاءاته بالموفدين وخلال اتصالاته الديبلوماسية المفتوحة مع عواصم القرار، والذي اشرت اليه اكثر من تسريبة وتصريح لمسؤولين دوليين.
طرح لا تتبناه اوساط لبنانية في واشنطن، والتي تحدثت عن أن خطر الحرب ما زال قائما، فتأجيلها أو ضبطها مرحليًا، جاء على خلفية انتظار تطورات أكبر، حيث يبقى لبنان ساحة مفتوحة على ارتدادات الصراع في غزة وسوريا، وعلى حسابات إسرائيلية لم تحسم بعد، فالتاريخ اللبناني حافل بلحظات «طمأنينة خادعة» سبقت انفجارات كبرى، ما يجعل أي تفاؤل غير محصن سياسيا عرضة للاهتزاز السريع.
ورأت المصادر ان سبب هذا التخبط في
بيروت هو القراءة الخاطئة لبعض التصاريح الاميركية، ومنها للسفير ميشال عيسى، مؤكدة ان لا خلاف اميركي - اسرائيلي، حول الاهداف في لبنان، انما حول الوسائل والاليات لتحقيقها، والبرنامج الزمني، جازمة ان لقاء بالبيت الابيض سيكون حاسما لجهة القرار المشترك، حول الجبهات التي سيصار الى اقفالها وتلك التي ستبقى مفتوحة، وسط اتجاه لحسم الملف اللبناني قبل اي تحرك على الخط الايراني.
وكتب كمال ذبيان في " الديار":ولا يوافق "
حزب الله" رئيس الحكومة على تفسيره لموضوع السلاح، وأعلن أمينه اعلام الشيخ نعيم قاسم، رفضه تسليمه أو نزعه منه بالقوة، وهو مرتبط "باستراتيجية الأمن الوطني" التي اعلن عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، وهي مطروحة للحوار اللبناني الداخلي منذ 2006، وعقدت جلسات تحت مسمى "استراتيجية الدفاع الوطني" التي بدأت من مجلس النواب، ووصلت الى القصر
الجمهوري في عهدي الرئيس ميشال سليمان وميشال عون.
"فحزب الله" لن يطبق المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح، لأنه من خارج القرار 1701، وهو يعتبره مطلباً "اسرائيلياً" وأميركياً لن يقبله، وفق مصدر قيادي في "حزب الله"، الذي يسأل رئيس الحكومة: لماذا هذا الاستعجال نحو المرحلة الثانية، والعدو "الاسرائيلي" لم يطبق قرار اتفاق وقف اطلاق النار، والانسحاب من الاراضي
اللبنانية المحتلة، واستعادة الأسرى، وإعادة الإعمار مع عودة الأهالي، ويمنعهم العدو من ذلك، وما زال يفجر منازلهم ويواصل اعتداءاته بقصف السيارات والمؤسسات والاحراج ومنع السكان من جني ارزاقهم".
من هنا، فان "حزب الله" سيقف بوجه تطبيق المرحلة الثانية شمال الليطاني، لأنها ليست مرتبطة بنتائج الحرب التي لم تتوقف بعد، يقول المصدر الذي يحذر من اي قرار سياسي تحت الضغط العسكري، في وقت يشارك لبنان في لجنة "الميكانيزم"، ورفع تمثيله فيها بمندوب مدني هو السفير سيمون كرم، ولم تتوقف الاعتداءات "الاسرائيلية" التي تتوسع يومياً، مع صمت دولي حتى من أعضاء اللجنة، إضافة الى انكفاء رسمي داخلي، عن ادانة استمرار الاعتداءات، التي قال رئيس الحكومة إنه لا يمكن مع كل اعتداء اصدار بيان استنكار، وهذا موقف يرى "حزب الله" أنه لا يجب أن يصدر عن سلام، وهو مسؤول أمام الشعب.
وستشكل المرحلة الثانية من حصر السلاح، أزمة داخلية لبنانية، ويحاول رئيس الجمهورية احتواءها قبل أن يحصل التصعيد السياسي حولها، مع تشديد وتأكيد رئيس الحكومة على تنفيذ المرحلة الثانية، وهو سيطلب من قائد الجيس العماد رودولف هيكل اثناء عرض تقريره الرابع، أمام
مجلس الوزراء في أول جلسة يعقدها بعد الاعياد، أن يبدأ بتنفيذ المرحلة الثانية، وقد يؤدي ذلك الى رفض وزراء الثنائي لحركة "أمل و "حزب الله" هذا التوجه، في وقت لم يحصل تطبيق للقرار 1701، فيكشف مصدر وزاري في الثنائي، أن المرحلة الثانية لن تقدم مجاناً للعدو "الاسرائيلي" الذي يهدد بحرب جديدة على لبنان، وهي لم تتوقف، ويجب على الحكومة أن تتحرك باتجاه الدول لضمان تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بالكامل، وبعدها يبدأ البحث في المرحلة الثانية ضمن خطة الاستفادة من المقاومة وسلاحها، تحت عنوان الحفاظ على أوراق القوة الردعية، التي لا يعترف خصوم المقاومة بأنها ما زالت صالحة، وفق ما آلت اليه نتائج الحرب.
وكتب ابراهيم بيرم في" النهار": يعتبر" حزب الله" أنه يخوض صراع إرادة على مدار الساعة مع
الإسرائيلي الساعي إلى "إعدام" كل مظاهر الحياة والعيش الطبيعي في تلك البلدات، وخصوصاً بلدات الناقورة والضهيرة ويارون ومارون الراس وعيترون وميس الجبل وعديسة وكفركلا وبليدا وحولا، وصولاً إلى الخيام في القطاع الشرقي، وهي بلدات يتجاوز تعداد سكانها المئة والعشرين ألف نسمة.
وبحسب معطيات تجمعت أخيرا، فإن تعامل الإسرائيلي مع هذه البلدات التي كانت تضج بالحياة، يوحي كأنه يرصد كل حركة ونشاط فيها يعزز دورة الحياة بين جنباتها، لذا كانت الحرب الطويلة نسبيا على الغرف الجاهزة التي أريد أن تكون بديلاً موقتاً من المدارس ومقار البلديات ومركز الرعاية وبعض البيوت المدمرة وغير الصالحة للسكن.
والمعروف أيضاً أن الحزب أسهم في الدفع بأكثر من مئة غرفة جاهزة إلى بعض هذه البلدات بعيد فترة قصيرة على سريان وقف النار، لكن المسيرات الإسرائيلية كانت تلاحقها وتغير عليها، فدمرت القسم الأكبر منها وأوقفت تكرار هذه التجربة.
وفي الأسابيع الأخيرة أطلقت إسرائيل حربا حقيقية ضد الجرافات والحفارات وجبالات الباطون وورش البناء والترميم الجزئي، إذ تعمد طيرانها الإغارة عليها وتدميرها، وفي أحسن الأحوال إنذارها بالإخلاء والخروج من المنطقة. وتظهر تقارير ميدانية أن إسرائيل نجحت في إلحاق الضرر بأكثر من 80 جرافة وحفارة وجبالة باطون وورشة بناء، فحولت الأمر إلى مخاطرة ومغامرة كبرى وفرضت شل أعمال الورش.
وإذا كان واضحاً أن إسرائيل ماضية قدما في حربها على البشر والحجر في الجنوب، فإنها أضافت أخيراً إلى سجلها الحربي أنماطا متطورة في عمليات اغتيال كوادر الحزب التي بدأتها منذ زمن ولم توقفها إطلاقا، وقد كثفت تلك العمليات يومياً، بحيث اغتالت مرات عدة أكثر من 5 كوادر في يوم واحد.
واللافت في هذا السياق أنها تلجأ إلى الكشف عن هوية الشخص المستهدف بعد أقل من نصف ساعة، وتوزع نبذات عن مهماته الحالية والسابقة. وهذا الأمر في نظر خبراء عسكريين، أسلوب متطور يظهر قدرة الاستخبارات الإسرائيلية وحجم اختراقها الأمني للعدو، بقصد ترهيبه، فضلاً عن أن عملها هذا يتعدى أحياناً كثيرة نطاق الجنوب ليبلغ أقاصي الهرمل والبقاع وإقليم الخروب في الشوف، ليظهر أيضًا أن اليد الأمنية الإسرائيلية طويلة جداً وتضرب حيث لا يحتسب الآخرون.
ووفق آخر الإحصاءات والتقديرات، بلغ عدد الذين اغتالتهم إسرائيل منذ 13 شهراً نحو 420 شخصاً.
وإذا صحت المعلومات التي ذكرت أن الضابط المتقاعد في الأمن العام اللبناني أحمد شكر الذي ذُكر أن المخابرات الإسرائيلية قد نجحت في استدراجه وخطفه من البقاع لعلاقة ما له بقضية اختفاء الملاح الإسرائيلي رون أراد في لبنان قبل أكثر من ثلاثين عاماً، فمن دلالات ذلك أن تل أبيب قررت أخيراً نهجاً جديداً في الخرق الأمني يقوم على مفاجأة الخصم في عقر داره، علماً أن إسرائيل سبق لها أن استخدمت هذا الأسلوب سابقاً عندما خطفت "
أبو علي" الديراني من بلدته في البقاع والشيخ عبدالكريم عبيد من بلدته في الجنوب، وأخيراً القبطان البحري عماد أمهز من البترون.