Advertisement

لبنان

في عيد العمال... لنتذكرّ أننا بشر!

نانسي رزوق

|
Lebanon 24
01-05-2019 | 05:49
A-
A+
Doc-P-582741-636923121428361618.jpg
Doc-P-582741-636923121428361618.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
نحن عبيد. في عيد العمال الذي يحتفل به العالم اليوم، الخلاصة التي وصلنا إليها هي أننا عبيد بالفعل. نظرة سريعة على واقع العمال والعمل (الذي يشمل كل المهن والوظائف)، تبين لنا ان قلة قليلة من مجمل سكان الارض يتمتعون بثروات تقدر بآلاف المليارات، يتحكمون في مصائر ما يربو على 5 مليارات إنسان. 
Advertisement

هذه القلّة، هي التي ترسم مستقبلنا الاقتصادي وسياسة التنافس العلمي وحتى الحاجة الى القيام بشنّ حروب مدمّرة عند الحاجة، للسيطرة على مقدرات الشعوب الاقتصادية والطبيعية. 

كم من حرب شهدتها البشرية منذ القرن الثامن عشر حيث تُستباح شعوب وتُباد وتُستبعد لتُخرج خيراتها وتضعها في يد المعتدي والمحتل والمستعمر ليبني مصانعه وسلعه. كم من دولة وكيان فُرض عليه بالقوّة أن يصبح سوقاً للسلع او ممراً الى أسواق ضخمة المستهلكون فيها مُشترون لا مصنعون، ويُمنع عليهم الصناعة الا وفق مستوى فنّي معيّن لا يُدخلهم حيّز التنافس الفعلي. 

في عيد العمال، علينا أن نتذكر أننا لا نفرق كثيراً عن عبيد العصور الماضية، حيث نستيقظ كل يوم مكبلين بأغلال الحاجة الى مطلق أي عمل لكي لا نموت جوعاً، لان النظام الاجتماعي أخرجنا من طبيعتنا الانسانية وحوّلنا الى مجرد أجساد عليها أن تضخ الجهد مثلها مثل الآلة تماماً. والا فإننا سنموت جوعاً. لا مكان لنا خارج تلك القوقعة التي وُضعنا فيها مرغمين ولا طاقة لنا على النفاذ منها. 

في عيد العمال، علينا أن نعي اننا نحيا عبودية حديثة، واننا نوهم انفسنا بانتهاء العبودية وأغلال الحديد، فمَن منا لديه القدرة اليوم على رفض ما يفرضه عليه مسؤوله من عمل؟ من منا لديه الجرأة على الدخول الى مديره والاعتراض على تعسفه في التعامل معه؟ من منا مستعد لأن يستمع الى المسؤول عنه يخيّره بين القبول بما يطلب منه بدون إعتراض وبين أن يعود الى منزله وأطفاله بجيوب خاوية؟ 

كلنا نفكر بإحتمال وحيد. العمل يعني شيئاً واحداً فقط، هو درء الموت من الجوع. أما ما عداه فعلينا قبوله. علينا أن نستسيغ عبوديتنا، وأن نرضخ وأن نُكابد التعنّت والتكبر والاستغلال  لاننا لا نملك قوت يومنا ولا قدرة لنا على تحصيله من دون عمل. 

في عيد العمال، علينا أن نلتفت الى أولئك الذين يقدمون أجسادهم قرابين لنا، لنتمتع بقيادة سيارة والنوم على أسرّة وكهرباء وماء وطرقات وخدمات أخرى كثيرة، وأن نتذكر أن اغلبهم يموتون في ظل ظروف عمل قاسية مفروضة عليهم ولا قدرة لهم على تحسينها او المطالبة بجعلها اكثر اماناً. 

علينا ان نتذكر كمية العمال الذي يتعرضون لاصابات عمل ومحرومون من العلاج والتأمين الصحي وحوادث العمل، ومحرومون أيضاً من التعويضات التي يستحقونها. علينا أن ننظر بعين شفافة ترى حقيقة الذل والاستغلال والعبودية المنشرة في الارض، حيث عمالة الاطفال والامراض المميتة في بيئات العمل والمصانع، وحالات الانتحار الناتجة عن الضغوط والامراض المزمنة.

في عيد العمال، علينا أن نفكر كيف نصل الى المساواة، وكيف نعلي من قيمة الحياة الانسانية وأن ننظر الى الصناعة والانتاج كحاجة لرفاهية البشر وتلبية متطلباتهم، لا وسيلة لمراكمة الأموال وتحويل الإنسان الى آلة للانتاج يُمكن التخلي عنها بمجرد أن تفتر همتها أو تصاب بمرض.
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك