Advertisement

لبنان

البطريرك الأيقونة.. سيرةٌ لا تختصرها الكلمات

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
13-05-2019 | 04:49
A-
A+
Doc-P-586858-636933449512254043.jpg
Doc-P-586858-636933449512254043.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
غاب البطريرك الماروني السابق الحاضر نصر الله بطرس صفير، وبفقده يفقد لبنان كبيراً في إيمانه ودفاعه عن قيم الحق والحرية والوطنية والانفتاح والاعتدال والعيش المشترك. 

قيل وسيقال عن بطريرك الاستقلال الثاني، وعن هامة جليلة لا توفيها الكلمات حقها، لا لقلّة ما يقال ويكتب ويروى ويذكر، بل تأدباً بأدبه وسيرته، فالراحل كان قليل الكلام كثير العمل والحركة، كبير التأثير. حتى إذا حكى قال إيجازاً معبّراً، وفي ذلك قمّة البلاغة والأدب والحكمة. قال المفضل الضبي (وهو من بلغاء العرب) لأعرابي ما البلاغة؟ قال الإيجاز في غير عجز، والإطناب في غير خطل.. وهذا ما تجسده كلمات ومواقف البطريرك الراحل.  
Advertisement

يستذكر اللبنانيون البطريرك صفير في وقوفه الصلب إلى جانب المسألة الوطنية بكل تجلياتها؛ وقف الحرب الأهلية، اتفاق الطائف، بيان المطارنة الشهير المطالب بخروج الجيش السوري من لبنان، مصالحة الجبل، والاستقلال الثاني الذي تأسّس على دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم فوق ذلك وثيقة المجمع البطريركي وتأكيدها على العيش المشترك بين اللبنانيين. وفوق كل ذلك حرصه، إلى جانب الحوار والمصالحة الداخلية، على الانفتاح العربي والعالمي، وفي كل محطة للبطريرك الكبير الراحل آثار تروى، ومواقف خلّدها التاريخ، لا يمكن أن تصير تاريخاً لأنها ستبقى حاضراً شاهداً يرسم المستقبل لكل المؤمنين بلبنان. 

في عشقه للحرية والسيادة والاستقلال لم يردعه تهديد أو وعيد أو وصاية أو تطاول، ولم يثنه عن قول الحق والوقوف بوجه الباطل، عناده – وهو المتواضع والزاهد حتى البساطة والمتعالي على الإساءات – يحاكي صخر جبال لبنان، فهو الذي لم يغير ثوابته ولم يعترف للحظة لقوى الأمر الواقع أو يسلم لهم، حتى لكأنه كان يرى في نفسه حارس الهيكل الوطني، بمسلميه ومسيحييه، وفي قوله "لقد قلنا ما قلناه" دليل على أنه لم ولن يتزحزح عن مواقفه. هكذا كان البطريرك صفير اسماً مرادفاً للنبل والاخلاص والاتزان والشجاعة والإقدام والايمان. 

عاش البطريرك صفير حرّاً متصالحاً مع ذاته ومبادئه فجسّد بإيمانه وعقلانيته أسمى درجات المرجعية المسيحية والوطنية فاستحال رمزاً لكل اللبنانيين، ومرجعية لكرامتهم وميثاقيتهم وعيشهم المشترك وسيادة بلدهم واستقلاله.

دخل البطريرك صفير التاريخ من ابوابه العريضة منذ عقود وليس يوم موته، ويوم يرحل يفتقد معه الحلم اللبناني الأصيل، وثقافة العيش المشترك، ومعنى اللبنان السيّد المستقل.. وعلى اللبنانيين الحفاظ على هذا الإرث من أجل الحرية والمستقبل. 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك