Advertisement

لبنان

إنتفاضة شارع 17 تشرين... لا لهذه الحكومة!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
19-10-2019 | 02:00
A-
A+
Doc-P-636823-637070684910644228.jpg
Doc-P-636823-637070684910644228.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

على مدى يومين لم نسمع سوى صوت واحد يصدح في الساحات: الشعب يريد إسقاط النظام، أي الحكومة عمليًا. فالشعب الغاضب الذي ملأ الساحات ليلًا ونهارًا، وقطع الطرقات لن يترك الساحة إلاّ بذهاب الحكومة، التي أعطاها رئيسها سعد الحريري مهلة تنتهي عند الساعة السابعة من مساء يوم الأثنين المقبل، وهي مهلة كافية لكي يعيد جميع مكونات هذه الحكومة حساباتهم، ومن بينهم شركاء التسوية الرئاسية، بعدما أصبح هامش التحرك أمامهم ضيقًا جدًّا، وبعدما أصبح صوت الشارع يعلو على كل الأصوات.

 

وفيما يراجع الجميع حساباتهم وخياراتهم يبدو المشهد في الساحات هو نفسه، تظاهرات وغضب ونقمة ومطالبة برحيل كل الطاقم السياسي المسؤول عمّا آلت إليه الأوضاع الإقتصادية المزرية، التي دفعت الناس إلى الشوارع دفعة واحدة، وكانت الضريبة على "الواتس أب كول" الشرارة الأولى لخروج المارد من قمقمه، في محاولة، ولو أخيرة، لتصحيح الأوضاع وتصويب ما يجب تصويبه، خصوصًا أن تجربة حكومة ما يسمى بحكومة "الوحدة الوطنية" أثبتت فشلها، وهي تضم كل المتناقضات، إذ أنه في كل دول العالم هناك حكومة تحكم بإسم الأكثرية، وهناك معارضة تعارض بإسم الأقلية، وقد لا تتعدى النسبة المئوية بين الأكثرية والأقلية أحيانًا الواحد في المئة (51 – 49)، وعلى رغم ذلك تحكم أكثرية الواحد في المئة وتعارض أقلية الـ 49، وقد يكون لدور المعارضة الجدّية والمتكتلة حول هدف واحد أهمية أكثر بكثير من دور الحكومة، التي تحتاج إلى هذه المعارضة من أجل تحسين أدائها والعمل للحؤول دون وصول المعارضة إلى السلطة من خلال الإنتخابات الديمقراطية، التي غالبًا ما تنقسم فيها المنافسة بين حزبين كبيرين ( الجمهوريون والديمقراطيون في الولايات المتحدة الأميركية، وحزب العمال وحزب المحافظين في بريطانيا).

 

وحده لبنان يشذّ عن هذه القاعدة الديمقراطية، التي تُسمى توافقية، وذلك لتعدد الأحزاب فيه، وكذلك الطوائف، التي لها حصّة الأسد في تركيب السلطة في لبنان، وهذا ما يعيب على اللبنانيينن الذين يطبقّون ديمقراطية خاصة بهم وغير موجودة في أي نظام عالمي آخر، بحيث يختلط حابل السلطة بنابل المعارضة، فتكون الحكومات فيه صورة مصغرّة عمّا في المجتمع من تناقضات، ويطلق على الحكومات غير المتجانسة تسمية "حكومة توافقية" أو "حكومة وحدة وطنية"، وهي في الواقع لا تعكس روحية هذه التسميات، إذ تطفو على سطحها تسمية التوافق على المصالح، التي تفرض تقاربًا عندما تتلاقى هذه المصالح، وتفرض أيضًا تباعدًا عندما تتعارض هذه المصالح، فتتحّول الحكومة الواحدة إلى عدّة حكومات على نفس الطاولة، وتنقلب الأدوار، بحيث ينتقل موالو الأمس إلى معارضين من الداخل، على غرار ما تُتهم به "القوات اللبنانية" التي يبدو أنها لن تبصم على العميانة و"الماشي" غير ماشي بالنسبة إليها، وقد عبّر الوزير جبران باسيل أكثر من مرّة عن إستيائه عن تصرّف وزراء "القوات" في جلسات مجلس الوزراء، متهمًا "القوات" بأنها تريد إفشال العهد، وهذا التوصيف لا توافق عليه بالطبع معراب، التي ترى في تصرّف وزرائها تحصينًا للعهد.

 

وفي الخفايا فإن الوزير باسيل يسعى من خلال حرمان "القوات" من الدخول إلى "جنّة التعيينات" إلى إحراجها فإخراجها، وهذا ما تعتبره "القوات" فخًّا لن تقع فيه، وهي باقية في الحكومة على طريقتها، وإن كان رئيسها الدكتور سمير جعجع يفضّل أن تكون الحكومات منسجمة، أي من لون واحد، ولكن ما دامت طريقة تشكيل الحكومات على ما هي عليه اليوم فإن "القوات" سيكون لها الحضور الذي يفرضه حجمها التمثيلي (15 نائبًا)، مع العلم أن هذه النمطية  في تشكيل الحكومات قد أوقعت المعنيين بالتشكيل في أزمة تضييع الوقت لكي يأتي إختيار الوزراء بما يتلاءم وحجم كل كتلة في المجلس النيابي، مع ما يعنيه ذلك من تغييب لدور المجلس في مراقبة الأداء الحكومي ومحاسبة الوزراء المقصرّين، وذلك على خلفية أن لا أحد يحاسب نفسه بنفسه.

 

وما دامت التركيبة الحكومية قائمة على "من كل وادي عصًا" فإن الإنتاجية كانت وستبقى محكومة بإمكانية التعطيل، إذ من الصعب جدًا إرضاء الجميع أو تأمين إجماع وزاري على أي مسألة مطروحة، حتى ولو لم تكن أساسية وحسّاسة، وهذا ما أدى إلى ما وصل إليه الوضع بعدما أنفجر الشارع وقال كلمته ودعا الحكومة المسماة زورًا بحكومة "الوحدة الوطنية" إلى الإستقالة والإتيان بأخرى.

 

 

 

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك