Advertisement

لبنان

كورونا يهدّد سلامة قاطني الأبنية القديمة

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
22-03-2020 | 06:00
A-
A+
Doc-P-686218-637204669463674176.jpg
Doc-P-686218-637204669463674176.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
يُجمع العالم على أنّ الحجر المنزلي يشكّل السلاح الأنجع في مقاومة تفشي فيروس كورونا، كون العدوى تنتقل بين الناس من خلال الإختلاط والتجمعات، لاسيّما وأنّ المصابين قد لا يعرفون بإصابتهم قبل مرور أسبوعين، وينقلون العدوى خلال فترة احتضان المرض إلى أعداد كبيرة قبل خضوعهم للفحص. لذلك اعتمدت حكومات الدول طريقة الحجر المنزلي في محاولة منها لتطويق الفيروس، وبعضها يتشدّد في تطبيقه ولا يسمح لمواطنيه بمغادرة منازلهم إلّا للضرورة القصوى.
Advertisement

حكومة لبنان بدورها ولو متأخرة أعلنت حال التعبئة العامة ودعت المواطنين إلى التقيد بإلتزام منازلهم، باستثناء العاملين في قطاعات حيوية. سبقتها الوسائل الإعلامية المرئية بإطلاق حملات مشابهة تحضّ المواطنين على عدم الخروج من منازلهم. من هنا يفترض أن تكون المنازل آمنة، لدى جدرانها مناعة أيضًا لمقاومة انتشار الوباء، بمعنى ألا تكون جدرانها جاذبة للفطريات والفيروسات بفعل رطوبة أو نش أو تشققات.

البلديات وبعض الأحزاب بدأت العمل على تعقيم المنازل، وفي المدن ينظّم قاطنو الأبنية حملة تعقيم من خلال التعاون بينهم وبين الناطور. الخلل الكبير يكمن في الأبنية القديمة المتآكلة بسبب قدم عهدها وغياب الصيانة، والتي أصبحت بيئة حاضنة للأمراض والفطريات قبل كورونا، وبعد تفشيه زاد الخطر، وأصبحت هذه الأبنية تشكّل خطرًا على السلامة العامة وعلى ارواح و صحة شاغليها.

رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات انديرا زهيري لفتت في اتصال مع "لبنان 24" إلى أنّ هناك ما يقارب 85% من العائلات اللبنانية تقطن في أبنيه شُيّدت ما قبل الثمانينات، وتفتقر بمعظمها إلى الحدّ الأدنى من معايير السلامة العامة. "عدد كبير من هذه الأبنية يعاني من تشقّقات وتصدّعات، ويشكّل بيئة حاضنة للأوبئة والفطريات والفيروسات المتطورة كالإنفلونزا والكورونا والأمراض الصدرية، كما أنّ الهواء الداخلي لهذه الأبنية مشبع بالملوثات، ويُطلق على الأعراض المرضية الناتجة عن تنشق الهواء الداخلي أعراض متلازمة مرض المباني. فضلًا عن أنّ هذه الأبنية باتت تشكّل مصدرًا لإنبعاث الغازات السامة المضرّة بصحة الانسان، ومن شأنها أن تعرّضه لمخاطر كبيرة وتضعف مناعته. فهذه الأبنية قديمة العهد وغابت عنها الصيانة اللازمة".

انطلاقًا من الخطر الذي تشكّله هذه الأبنية على قاطنيها، طالبت زهيري بوجوب تفعيل دور اللجان التي تألّفت بموجب المرسوم 7964 الصادر منذ العام 2012 والمعني "بتطبيق معايير السلامة العامة"، من خلال تزويد اللجان بالعدد الكافي من الكادر البشري المتخصص ورصد الأموال اللازمة لتمكينها من القيام بدورها.

فضلًا عن الخطر الصحي المتأتي من هذه الأبنية، أشارت زهيري إلى خطر سقوطها، معتبرة أنّها بمثابة قنابل موقوتة لا يمكن التكهن بتوقيت سقوطها على رؤوس قاطنيها. "إذ لا يمكن أن نتجاهل أنّ هناك ما يقارب 16260 مبنى مهدّدًا بالإنهيار، وهي موزعة على المناطق والمحافظات. ففي بيروت هناك أكثر من 10460 مبنى وفي طرابلس يوجد 4000 مبنى، وبينهم مدارس ومصانع". وعن سبب ترك هذه الأبنية كلّ تلك السنوات من دون صيانة لفتت زهيري إلى جملة أسباب حالت دون ترميمها وصيانتها، أبرزها عجز أصحابها عن القيام بأعمال الصيانة، إمّا نتيجة قوانين الإيجارات القديمة وبدلات الإيجار الزهيدة والتي حالت دون تمكين المالك من تحمل أعباء ترميمها، إمّا نتيجة تصنيف بعضها أبنية أثرية، إما لغياب أصحابها بسبب الهجرة والحروب، أو بسبب إشارات الاستملاك والتخطيط لمشاريع مازالت غير منفّذة.

نائب رئيس الهيئة اللبنانية للعقارات ورئيس اللجنة الهندسية المهندس عماد حسامي من جهته لفت في اتصال مع "لبنان 24" إلى أنّ أزمة الرطوبة والعفونة في هذه المباني القديمة تزيد الأمر تعقيدًا مع كورونا، كونها تعتبر بيئة حاضنة للفطريات والفيروسات. وأضاف "هذه المباني تعاني من النش، بحيث تتكون بقع سوداء على الجدران، تؤدي إلى تكاثر حوالي 300 ألف نوع من البكتيريا، منها البنسيليوم أكرمونيوم ألترناريا وغيرها، الأمر الذي يتسبب بمشاكل في الجهاز التنفسي لقاطني هذ المنازل. هذه الفطريات تمتص نسبة من الأوكسجين لتحافظ على بقائها، كما أنّها تتسبب بتآكل الباطون ومع الوقت تتسرب إلى الحديد وتسبب الصدأ الذي يؤدي بدوره إلى تشققات في الباطن". ولفت حسامي إلى أنّ هذه المباني تسمى بالمباني المريضة وهناك العديد منها حول العالم.

عن كيفية تعقيمها في زمن كورونا لفت حسامي إلى وجوب تعقيم هذه الابنية بشكل متكرر من خلال مزيج الماء وماء الجافيل، ووجوب محاولة معالجة مشاكل النش والإستعانة بخبراء في هذا المجال، خصوصًا أنّ الأماكن الرطبة تشكل بيئة ملائمة لفيروس الكورونا.

بين جدران الأبنية القديمة أخطار مضاعفة تهدّد حياة قاطنيها سواء أكانوا مستأجرين أو مالكين، وأتى كورونا ليزيد الطينة بلّة، في بلد تعجز حكومته عن حماية مواطنيها من أخطّار لطالما هدّدت حياتهم قبل كورونا، فكيف الحال بعده؟
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك