Advertisement

لبنان

حياد أم لا حياد؟

نانسي رزوق

|
Lebanon 24
21-07-2020 | 06:00
A-
A+
Doc-P-726307-637309244990158161.jpeg
Doc-P-726307-637309244990158161.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

مضت سنون طويلة قبل أن تعود سيرة الحياد إلى الواجهة. سنون تخللها تبدل منطق مقاربة الوضعية التاريخية للبنان وعلاقاته الإقليمية والدولية. فبينما سادت عقود مقولة واعتقاد أن قوة لبنان في ضعفه، خرج لبنانيون بعد التحرير ليقولوا إن قوة لبنان في قوته العسكرية والشعبية والسياسية. 

 

منذ أيام، ومع مطالبة البطريرك الراعي بحياد لبنان عن صراعات الإقليم، وردّه مشاكل لبنان الإقتصادية الخانقة حالياً إلى دخول "حزب الله" ومعه البلاد في أتون المعارك الكبرى، لن يكون له تداعيات سوى خروج تلك "الأوركسترا" المقسومة الى نصفين: القسم الأول الذي سيعيد الترويج لخطاب عن لبنان صلة الوصل بين الشرق والغرب، ولبنان المتمايز عن سواه ولو أنه سيتضمن بأسلوب مبطن تعالياً وعنصرية قديمة ومتجذرة تجاه نصف سكان لبنان وجزء كبير من الدول العربية.

أما القسم الثاني، فسيكون التاريخ وعِبَره طريقاً للقول إن الماضي لن يعود، وإن توسل الحياد يعني عودة تدريجية للصيغة القديمة المشؤومة التي أوصلت إلى الحرب الأهلية، وهذا ما لن يسمحوا به. 

 

اذاً نحن نراوح مكاننا فيما الأزمة الى اشتداد. وهذا يعني أن كلا الصيغتين اللتين سيعاد الحديث عنهما كما لو انهما حلان سحريان، خطأ قاتل. 

 

فإذا حللنا السردية الأولى وهي سردية الحياد، سيظهر لنا أن لبنان لم تتوفر له يوماً الشروط التاريخية والسياسية التي أسفرت عن تحييد سويسرا. فهو منذ تأسيسه في قلب محيط هائج، كما أن شعبه الذي بقي أشبه بشعوب متفرقة، لم يكن يوماً حيادياً هو الآخر. فأفراده منحازون وطائفيون ومرتبطون بولاءات خارجية وإن تلطوا خلف عناوين فضفاضة. 

 

الحياد تاريخياً، كان يعني فئة من اللبنانيين ويستثني آخرين، لا بل أنه قام ضدهم. المارونية السياسية ضد المقاومة الفلسطينية وضد جزء كبير من المسلمين الذين يطالبون بالعدالة الإجتماعية والمساواة. فيما المقاومة الفلسطينية والصراع ضد إسرائيل مدخل لفرض مطالب وحصة المسلمين من الطبقة الحاكمة آنذاك، بقوة السلاح. 

 

أما السردية الثانية، فلا تقل سوءاً عن الأولى. وإذا كان أصحاب مقولة الحياد تاريخياً، هم الطبقة الحاكمة المكونة من بضع عائلات كانت تمتلك الثروات ولا تريد مقاسمتها النفوذ والمال، فإن سردية قوة لبنان في مقاومته لا تكفي للبقاء أقوياء. فالسردية هذه كانت تعني مع الوقت خروج من حدود المكان اللبناني وانشطار النفوذ وتوسعه في سياق الحروب الكبرى. 

 

وهذا في لبنان، البلد الصغير المليء بالطوائف والارتباطات والتشابكات الخارجية والاقليمية، يعني تصاعداً في وتيرة التوتر الأهلي. وفي حرب معلنة مع الولايات المتحدة، سنشهد المزيد من الضغط والظلم تجاه كل اللبنانيين.

 

فالولايات المتحدة لا تبالي إلا في ما يخصها، وهذا يعني أن جوعنا ومرضنا وموتنا البطيء لن يغير شيئاً في سياسة واشنطن تجاهنا. على العكس، سيكون هذا مدخلاً لمزيد من الضغط على الحكومة الحالية وداعميها للحصول على تنازلات.

طاحونة فقر وجوع وعوز سنكون بداخلها، ولن نخرج إلا بالإنكفاء الى الحدود، وإدارة عملية سياسية تجمع كل الأطياف.

 

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك