مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"
بين الخيبة العامة بعد اعتذار الرئيس مصطفى أديب عن تأليف حكومة المهمات، والريبة العارمة مما قد يلي بيان الاعتذار، تبقى المبادرة الفرنسية خشبة خلاص إذا تم إحياؤها في حال رغب بذلك الأفرقاء اللبنانيون المعنيون، وتغيرت أنماط التعاطي مع المبادرة ومع سياق التأليف الحكومي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية إذا تمت إزاحة العوائق والعراقيل الخارجية من أمام المبادرة الفرنسية.
هذه المبادرة التي تمنى الرئيس السفير مصطفى أديب، في نهاية بيانه، استمرارها من أجل لبنان، خاتما بيانه بمصطلح: "حمى الله لبنان واللبنانيين"، وهو المصطلح ذاته الذي كان رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب قد ختم بيان استقالته به قبل شهر ونصف الشهر.
الرئيس عون قبل الاعتذار، وسيجري المقتضى وفق الدستور. الرئيس بري من جهته أعلن فورا تمسكه بمبادرة ماكرون. أوساط ديبلوماسية فرنسية أكدت استمرار باريس في التزام مبادرتها لأنها غير مرتبطة بشخص بل بدولة وشعب.
تجدر الإشارة إلى أن كل الاتصالات المحلية، وكذلك بين بيروت وباريس، حتى فجر اليوم، لم تفلح في تذليل العقد، ولم تبلور أي حلحلة خصوصا في موضوع حقيبة المالية، وتمسك الثنائي "أمل"- "حزب الله" بتسمية الوزراء الشيعة في الحكومة المنشودة، إضافة إلى أن موقف الثنائي أيده "الطاشناق" و"المردة" وطلال أرسلان، خصوصا لجهة أن يسمي كل فريق ممثله في حكومة أديب، وهو ما لم يقبل به الرئيس المكلف، فرأى أن التوافق وأن مواقف التسهيل التي أعلنت لدى تكليفه قبل ستة وعشرين يوما، لم تعد متوافرة الآن، ولذلك أعتذر من الشعب اللبناني عن تأليف الحكومة.
السؤال المطروح: ماذا بعد الاعتذار؟. أولى تداعيات ما حصل هي اندفاعة أسعار الدولار في السوق السوداء اللبنانية.
ومنذ قليل أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون، سيعقد مؤتمرا صحافيا غدا الأحد يتناول فيه التطورات السياسية في لبنان.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
فجر مصطفى أديب قنبلة الاعتذار من قصر بعبدا. والسؤال الكبير: ماذا عن مصير المبادرة الفرنسية؟. الجواب جاء سريعا من باريس، حيث أكد قصر الاليزيه استمرار المبادرة الفرنسية، موضحا أنها غير مرتبطة بشخص بل هي التزام تجاه دولة وشعب.
معطلو التأليف باتوا معروفين بالإسم، وهم من أغرقوا المبادرة الفرنسية وفرضوا شروطهم على الرئيس المكلف وكبلوه منذ اللحظة الأولى. وهكذا نجح نادي رؤساء الحكومات السابقين، ومن يدعمهم في الداخل والخارج، في تعطيل الفرصة الذهبية لإنقاذ لبنان، وليتحملوا المسؤولية.
رئيس الجمهورية، وفي أول تعليق له، أعاد التأكيد على دعمه المبادرة الفرنسية. فيما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تمسكه الحازم بها، وقال: لا أحد متمسك بالمبادرة الفرنسية بقدر تمسكنا بها، لكن هناك من أغرقها في ما يخالف كل الأصول المتبعة. الرئيس سعد الحريري هاجم المعرقلين، واعتبر أن مبادرة الرئيس ماكرون لم تسقط لأن ما سقط هو النهج الذي يقود لبنان واللبنانيين إلى الخراب.
أولى تداعيات التعثر الذي أصاب تشكيل الحكومة، ضربت العملة الوطنية فقفز سعر الصرف ليصل إلى حدود 9000 ليرة للدولار الواحد.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
بعد أن حوصر الانقلابيون وانكشفت نواياهم، ضحوا برهينتهم السياسية مصطفى أديب، وظنوا أنهم قادرون على ارتهان البلد ليقامروا عليه في ناديهم، المستثمر أصلا من أصحاب السمو والجلالة، ومن سيدهم الأميركي المتخبط خلف البحار. فبيان الاعتذار الذي أذاعه السفير مصطفى أديب من قصر بعبدا باسم منتدبيه السياسيين، كان قد سمعه اللبنانيون بالأمس وبكل وضوح من أحد أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين، غير الحائز ترخيصا دستوريا.
وحرصا على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، كما قال، قدم أديب الاعتذار، فلنعد إلى الدستور والميثاق: هل يقولان أن رؤساء لحكومات فاشلة مخولون احتكار تشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح؟، وهل يقولان أن رؤساء سابقين للحكومة يحق لهم تشكيل الحكومة مختصرين كل المكونات اللبنانية؟، وهل يقولان أنه ممنوع على رئيس الجمهورية ومجلس النواب وكتله النيابية المشاركة في عملية التشكيل؟.
ثم فلنعد إلى المبادرة الفرنسية: هل فيها ما يقول عن المداورة والمصادرة والتكنوقراط؟، وأن حق تسميتهم حصري لعباقرة الحكومات السابقين؟، وهل فيها إلغاء أو تغيير للقواعد السياسية والدستورية اللبنانية؟.
إنه تهديد ووعيد الملك السعودي ومحركه الأميركي، اللذين جوفا المبادرة الفرنسية من داخلها عبر أدواتهما المحلية، حتى أسقطوها بضربة أديب القاتلة، لإبقاء التأزم في لبنان خدمة لمشاريعهم.
فليتعظ بعض اللبنانيين وليرحموا أنفسهم ووطنهم، وليكفوا عن المكابرة والمضي خلف الغراب السعودي- الأميركي الذي لم يدلهم يوما إلا على الخراب. أما الفرنسي فعليه أن يعرف جيدا من هم المعطلون ومن هم المحرضون.
وعلى اللبنانيين أن يطمئنوا بأن ما عجزت عنه الترسانات العسكرية لن تأخذه العقوبات ولا التهويلات ولا المناورات السياسية، وأن الحلول لن تكون إلا باحترام القواعد الوطنية لا بالاستقواء بعصا أو جزرة خارجية، وكما قال أديب: فلنحترم الوحدة الوطنية وطرقها الدستورية والميثاقية، والتي لم تخرج عنها المبادرة الفرنسية.
مبادرة من المفترض أنها جاءت لإنقاذ بلد لا أشخاص ظنوا أنهم إن ركبوا سفينتها أنقذتهم من سني فشلهم المتراكم، وهم الذين لم يفلحوا يوما إلا بإيصال البلد إلى الهاوية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
ويأتيك اليوم من يقول: إن ميشال عون هو المسؤول. بالمعنى الإيجابي، طبعا هو المسؤول. فرئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه، وفقا لأحكام الدستور. أما بالمعنى السلبي، الذي يقصده الخصوم، فالجميع مسؤول إلا هو: جميع المشترطين والمعرقلين، حديثي النعمة أو المخضرمين.
فالإثنين الماضي في 21 أيلول 2020، في الإطلالة الشهيرة التي حذر فيها من الذهاب إلى الجحيم إذا لم يستجب الأفرقاء لأفكار الحلول، طرح مبادرة تقضي بإلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية، وعدم تخصيصها لطوائف محددة، بل بجعلها متاحة لكل الطوائف، فتكون القدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي، هي المعيار في اختيار الوزراء.
قبل ذلك، كان تكتل "لبنان القوي" يلتزم تسمية السفير مصطفى أديب، الذي رشحه رؤساء الحكومة السابقون، ومن بينهم رئيس تيار "المستقبل"، تأكيدا للموقف الميثاقي الثابت، الداعي إلى احترام صاحب التمثيل القوي في بيئته، إلا إذا رفض.
وتزامنا مع الخطوتين، كان التأكيد الدائم من النائب جبران باسيل تحديدا للموقف المسهل ولادة حكومة فاعلة ومنتجة، وقادرة على تطبيق برنامج إصلاح متفق عليه في زمن محدد.
فمن بعبدا بعد استشارات التكليف، ومن عين التينة اثر استشارات التأليف، وفي الكلمة التي ألقيت في 13 أيلول، كان الموقف واضحا: "نحنا عارفين شو بدنا"، ونحن مسهلون لتأليف الحكومة بكل ما يتطلبه الأمر.
غير أن الموقف المذكور لم يمنع طرح أسئلة عدة، من باب النصح والتنبيه، ومع التشديد الدائم على الموقف المسهل، ولو لم تأت الأجوبة، فحتى في موضوع المداورة، لا نريد فتح جدل، ونمشي بالذي يتم الاتفاق عليه من دون أن نعترف بتكريس عرف، قال يومها باسيل.
السؤال الأول: لماذا رفض اعتماد المداورة بهذا الظرف بالذات، عندما تقدر أن تكون عاملا مسهلا ولا تمنع حصول أي طائفة أو فريق على أي وزارة؟. السؤال الثاني: لماذا الإصرار على إسناد أكثر من حقيبة للوزير، في وقت بالكاد يقدر أن "يلحق" على وزارة، فكيف بوزارتين؟. السؤال الثالث: لماذا الإصرار على تأليف حكومة من قبل فريق واحد، ومن دون تشاور مع أحد تحت عنوان الإختصاص وعدم الولاء الحزبي والاستقواء بالخارج، خصوصا أن هذا الفريق لا يملك أكثرية نيابية؟.
أما الخلاصة، فعلى الشكل الآتي: هل هكذا نؤمن مناخا إيجابيا لعمل الحكومة مع رئيس الجمهورية؟، وهل هكذا نؤمن ثقة للحكومة من المجلس النيابي؟، وهل هكذا نؤمن تعاونا للحكومة مع المجلس النيابي لتنفيذ البرنامج الإصلاحي، أو نكون نعطل المبادرة الفرنسية ونتسبب بفشل البرنامج الإصلاحي؟، وهل هذا المطلوب، أي عدم تنفيذ الإصلاح؟.
الجواب الذي تأخر، أتى مدويا اليوم، باعتذار مصطفى اديب، المقرون بتصعيد سعودي كبير ضد "حزب الله"، من خلال كلمة العاهل السعودي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى جانب رفع السقف الأميركي بالعقوبات، ومن خلال الموقف الأخير لدايفيد هايل، الذي صوب بوضوح على الأكثرية النيابية الحالية، ملمحا إلى استثمار الوضع الشعبي لتغيير الصورة.
كيف ستتعامل فرنسا مع كل هذا المشهد الداخلي والخارجي؟. المصادر أكدت اليوم أن المبادرة مستمرة. أما قطع دابر الشك باليقين، فيتطلب انتظار المؤتمر الصحافي الذي يعقده الرئيس ايمانويل ماكرون قبل ظهر الغد.
ومن الآن وحتى بلورة المخارج والحلول: نجنا من الشرير، كي ننجو من الجحيم.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
إعتذر مصطفى أديب من التكليف، فوضع حدا فاصلا بين الآداب الدستورية والدولتية وأصولها، وقلة الأدب التي تمارس في حق الدستور والقوانين التي يمارسها المنقلبون على الدولة والدستور. إعتذر أديب ففرض مهرا باهظا على كل راغب في تولي رئاسة الحكومة، إما ينطلق من الحدود التي رسمها أديب ويحلق إلى أعلى، وإلا سقط في كل المقاييس، سنيا ولبنانيا ودستوريا. إعتذر أديب فأسقط الإنقلاب الزاحف على الدولة، ليس منذ الأمس، بل منذ السابع من أيار 2008 الذي أنجب اتفاق الإذعان في الدوحة، بل منذ الإنقلاب على الطائف عام 1992.
إعتذر أديب فأعاد الإعتبار لوسائل الممانعة السلمية الديموقراطية، أي الكتاب في مواجهة البندقية، وقالها بهدوء لمن يعنيهم الأمر في الجانبين: المتخاذلون وراءه والمتنمرون أمامه، أنتم انهضوا من سباتكم. وأنتم اركبوا أعلى خيولكم. تريدون المواجهة نحن لها، أنتم بالرصاص إن تجرأتم ونحن بصدورنا العارية، وإيماننا بأن لبنان إما يكون دولة ديموقراطية حضارية أو لا يكون.
مكامن القوة في ما قام به أديب، أنه عرى الانقلاب ووضع حدا لتراخي البعض تحت مسمى إنقاذ البلاد من الفتنة والخراب، فهذه السياسة لم توصلنا إلا إلى الخراب والجوع، وشجعت الانقلابيين على المزيد، فيما صارت الفتنة وراء كل باب. أما مكمن الضعف أن أديب لم يشكل حكومته بوزرائها ووزيراتها ويرميها في وجه الطغمة، بل اكتفى برمي الاستقالة وانسحب.
مفاجأة أديب فعلت فعلها، إذ أحدثت فوضى في صفوف السلطة، فأطلقت الأخيرة أبواقها معلنة تعلقها بالمبادرة الفرنسية. وفي إرباك غير معهود، توجه أركانها إلى الرئيس ماكرون قائلين له، بالفارسية وليس بالفرنسية، إنهم مع روح مبادرته التي تنادي بمحاربة الفساد، لكن دعنا نتحاصص ونتقاسم حقائب الحكومة ونضع فيها أخلص رجالنا لضمان حسن التنفيذ، علما بأن روح مبادرة ماكرون تقوم على استبعاد هؤلاء ورجالهم.
أكثر من ذلك، أليس خبيثا رهان السلطة على أن ماكرون لن يجرؤ على وقف مبادرته وهو ملزم على الاستمرار فيها إنقاذا لنفسه؟. أليس خبيثا وكاشفا لنواياها السيئة، أن تسرب السلطة في إعلامها أنها كسرت ماكرون كما كسرت إسرائيل، وهي ستعوم حكومة دياب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية؟.
في أي حال، سيقطع ماكرون الشك باليقين، إذ يعقد مؤتمرا صحافيا الأحد يحدد فيه موقفه من الاطاحة بمبادرته.
من هنا إلى أين؟. يأمل اللبنانيون وأصدقاء لبنان، أن تتمسك المعارضة بحكومة "المهمة"، إلزاما لفرنسا بها إن كان لدى ماكرون نية في التراجع عنها أو تحويرها أو لبننتها، والضغط على السلطة لتحميلها مسؤولية عدم الانصياع لمطالب الناس، خصوصا أن تبعات هذا الرفض تتجلى في الانهيار المالي والاقتصادي والمجاعة الزاحفة والفيروس المتوسع والفوضى الأمنية المتنقلة.
كما يراهن اللبنانيون على غريزة البقاء لدى الرئيس عون، إن هي لا تزال شغالة، أن ينقذ عهده بالقفز من القطار المخطوف إلى إيران، فيصطف إلى جانب الشعب ليجنب نفسه واللبنانيين نار جهنم التي حذر هو منها، في تاريخ لم يمر عليه الزمن.
في النهاية، لن يحمي الله لبنان إن لم نهب نحن لحمايته.