لا شك أن معظم الأحزاب في لبنان تستشعر الخطر الكبير من الانتخابات النيابية وبالأخص على جبهة ما يعرف بخصوم حزب الله والتيار الوطني الحر والذين أصبحوا مقتنعين أن الحزب لن يخسر وحلفاءه الأكثرية في المجلس النيابي. فخطوة الرئيس سعد الحريري الخروج من الحياة السياسية والتي أحدثت تململا في الشارع السني وفي صفوف الاحزاب الحليفة له، تركت قلقا عند رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فالعلاقة بين الثلاثي لطالما وصفت بأكثر من اتفاق وأقل من حلف رغم التباينات التي كانت تحصل في الكثير من الأحيان على خط بيت الوسط – المختارة.
لم تترك تصريحات جنبلاط الأخيرة وما سرب نقلا عنه، حيال المشهد السياسي المحلي والاقليمي وموقفه من حزب الله وإيران والعهد انطباعات سلبية في الاوساط السياسية التي ذهبت إلى حد إبداء التفهم للخطوات الجنبلاطية الاستباقية تجاه ما يمكن ان يحاك ضده في الداخل على مستوى الانتخابات النيابية من قبل الحزب والتيار العوني. فعدم مشاركة الحريري في الانتخابات شرع الابواب امام حزب الله لتضييق الخناق على جنبلاط في أكثر من دائرة ، وفق توصيف الأوساط السياسية، الامر الذي دفع " بيك المختارة" الى اختيار مرشحين حزبيين"متشددين" انسجاما مع ظروف المرحلة التي قد تستدعي المواجهة اذا استدعى الامر.
في المبدأ حسم رئيس التقدمي الاشتراكي معظم مرشّحيه وهم تيمور جنبلاط، مروان حماده، حبّوبة عون وبلال عبدالله في الشوف. أكرم شهيب وسامر خلف في عاليه. هادي أبو الحسن في بعبدا. وائل أبو فاعور في البقاع الغربي. فيصل الصايغ في بيروت. عفراء عيد في طرابلس. اما في ما خص المرشح الكاثوليكي فلم يتم الاعلان عنه بعد بانتظار تبلور التفاهم مع حزب القوات اللبنانية. مع اشارة مصادر الاشتراكي، الى ان المصرفي مروان خير الدين في دائرة مرجعيون حاصبيا هو مرشح توافقي وتربطه علاقة جيدة بالنائب جنبلاط ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ربطا بعلاقته برئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان الذي اعلن يوم امس عن دعمه له.
خلال مهلة اقصاها 15 يوما سوف يعلن رئيس التقدمي الاشتراكي رسميا اسماء المرشحين للانتخابات، ربطا بالتحالفات مع حزب القوات وشخصيات مستقلة.
حاكى جنبلاط وفق المتابعين، ترشيحات حزبه بما ينسجم مع مستجدات المرحلة والتي تفترض على سبيل المثال عودة حمادة وشهيب بما يعنيه حضورهما في المشهد السياسي، ربطا بالعلاقة التي تشهد مدا وجزرا مع حزب الله الذي يحاربه في عقر داره و يسعى الى سحب البساط من تحت قدمي زعيم المختارة في الشوف عبر دعم الوزير السابق وئام وهاب ومده بالاصوات الشيعية لخلق واقع جديد، مصحوب على قلق الاشتراكي في الوقت عينه من حراك المجتمع المدني وتوسعه في هذه المنطقة
يخوض جنبلاط عبر النائب وائل ابو فاعور معركة شرسة في دائرة راشيا – البقاع الغربي، في ظل تحالف الثنائي الشيعي ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي وحزب الاتحاد والتيار الوطني الحر وحركة النضال. فهو سيشكل ونائب كتلة المستقبل محمد القرعاوي وداني خاطر عن المقعد الماروني لائحة لخوض الإنتخابات النيابية، علما أن خاطر محسوب على القوات وهذا يثير الحساسية في الشارع السني الازرق، الا أن مصادر الاشتراكي ترد بأن الاشتراكي متحالف مع القوات في كل الدوائر حيث تواجدهما ومن الطبيعي ان تمنح اصوات القواتيين في هذه الدائرة للائحة ابو فاعور- القرعاوي الذي لا ينتمي الى تيار المستقبل تنظيميا، انما هو حليف له هذا فضلا عن أن خاطر من جهته لا يحمل البطاقة القواتية . ولا تقلل المصادر من حدة المواجهة السياسية في هذه الدائرة، طالما ان هناك جهدا منصبا لكسر البيك سياسيا في راشيا الا انها تكتفي بالقول: الاصوات التفضيليّة التي سيحصل عليها ابو فاعور وفق الدراسات والاحصائيات تخوله ان يحل الأول في لائحه والرهانات سوف تبوء بالفشل.
أما في ما خص دائرة بيروت الثانية والمقعد الذي يشغله النائب فيصل الصايغ، فإن أوساطا سياسية ترجح ان يقدم بري يد العون لجنبلاط لعودة الصايغ الى البرلمان، انطلاقا من التجارب السابقة التي لم يترك خلالها رئيس حركة امل رئيس الاشتراكي وحيدا، وهذا يؤكد أن عملية خلط الأوراق بينهما مستمرة في دوائر عدة وهذا سوف يتظهر مع إعلان النتائج ليل 15 أيار.
لا يخفي الاشتراكيون ما يحاك ضد زعيهم من أجل تصغير حجم كتلته النيابية، واضعاف دوره، ويأتي ذلك بالتوازي مع معطيات من أكثر من اتجاه تصب في خانة تراجع الدعم السعودي الجدي لجنبلاط لمصلحة حزب القوات مقابل انفتاح الإمارات على شخصيات درزية مناوئة للمختارة.
كل ذلك يشعر وليد بك بخطورة المرحلة المقبلة أمام التطورات في العالم، ومشهد المفاوضات العربية والاقليمية والدولية والتي قد تؤسس لمرحلة الشيعية السياسية، إلا أن الوقائع تثبت أن جنبلاط لا ينكفىء وأن أي خطوة محلية غير محسوبة تجاهه من قبل خصومه، سيواجهها، فلا يزال ممسكا بالشارع الدرزي عبر احداث ثورة اجتماعية شعبية.