Advertisement

مقالات لبنان24

العسكريون المحررون.. حكاية أسر لم تنتهِ

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
09-01-2016 | 02:24
A-
A+
Doc-P-101574-6367053480614472771280x960.jpg
Doc-P-101574-6367053480614472771280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
صحيح أنّ سنة وأربعة أشهر من عذابات السجن في قبضة "جبهة النصرة" تكللت بخاتمة سعيدة، أعادت العسكريين المخطوفين إلى ذويهم وعائلاتهم سالمين، إلاّ أنّ القصة لم تنته هنا. صبيحة الواحد من كانون الأوّل عام 2015 انطلق موكب العسكريين الـ 16 من جرود عرسال، لتبدأ قصة من نوع آخر. فهؤلاء العسكريين الذين ذاقوا الأمّرين طيلة 487 يوماً، لم يعودوا كما كانوا قبل هذا التاريخ. هم يحملون معهم تدهوراً نفسياً كبيراً وتلوثاً دماغياً لا يستهان به. من هنا يجري العمل على عملية تحرير من نوع آخر، من الصدمة النفسية التي مروا بها وأعراضها، ووفق علم النفس أنها "تجعل الأسير يقبّل يد الجلاد ويتسامح معه، اعتقاده بأنّ الجلاد وهبه الحياة من جديد"، وهي أعراض تصيب أغلب ضحايا الإختطاف وتجعل السجين يتعاطف مع السجّان ويدافع عنه. وفي هذا السياق يمكن وضع عبارات البعض منهم في يوم الحرية، والتي دافعوا من خلالها عن جبهة "النصرة" رافضين تصنيفها بالإرهابية. كيف يجب التعامل مع حالتهم؟ هل يجب تسريحهم من الخدمة؟ وماذا عن قرار إعادتهم؟ لم يبخل العسكريون بالغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الوطن، فتصدوا للعدو في الصفوف الأمامية، على قاعدة النصر أو الشهادة، حتى وقعوا في الأسر الذي طالت أيامه وعذاباته، اختبروا خلالها أقسى الظروف والضغوط النفسية، إنما إعادتهم إلى الحرية الحقيقية تستوجب تحريرهم من تداعيات وآثار تلك الضغوط. انطلاقاً من هذه الصورة يخضع العسكريون ومنذ إطلاقهم لعملية تأهيل من قبل مؤسسة التأهيل بإشراف الدكتورة في علم النفس ومسؤولة تأهيل السجون اللبنانية جورجيت حدّاد، على رأس فريق من المختصين. وفي منزلها الكائن قرب وزارة الدفاع إلتقيناها، حيث بسّطت لنا شرح حالتهم، مستبعدة توصيفات علم النفس. وبواقعية وصراحة أكدت عبر "لبنان 24" أنّ "إعادة العسكريين إلى الخدمة غير جائز في الوقت الراهن، ويجب منحهم سنة على الأقل ليعودوا إلى حالتهم الطبيعية، وقد لا يتحقق ذلك". كيف يصنفهم علم النفس؟ عن هذا السؤال أجابت حداد بصراحة "ما بدا زعل هم حالة مرضية. فلنكن واقعيين. لقد قلت هذا الكلام لأهاليهم. ولو كنت مكانهم سأكون مريضة مثلهم وأكثر". حداد على تواصل دائم معهم ومع عائلاتهم، تزورهم في منازلهم محاولةً مساعدتهم على تخطي هذه المرحلة الصعبة. وقبل أيام نقلت التقارير الطبية والنفسية عن وضعهم إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء بصبوص، حيث طلبت منه تأجيل عودتهم إلى صفوف قوى الأمن الداخلي ومنحهم شهراً إضافيّاً، وبالفعل أصدر بصبوص أمراً بتمديد فترة النقاهة شهراً ليبنى لاحقاً على الشيء مقتضاه . "العسكريون شهداء أحياء، وليس الشهيد من انعطب في أحد اعضائه الجسدية فقط. لديهم انفصام كبير وتلوث دماغي بسسب التأثير الديني الذي مارسته جبهة "النصرة"، وبسبب الظروف والضغوط القاسية التي تعرضوا لها، من قلة النوم وقلة التغذية والضرب والتهديد بالقتل، فضلاً عن زعزعة قيم المؤسسة العسكرية التي تزرعها في أفرادها من تضحية ووفاء، هذه القيم غير موجود ة لديهم، ويمكن ألا تعود إلى أفكارهم" . حدّاد شدّدت على عامل الوقت الذي يجب منحهم إياه، وعامل بناء الثقة من جديد عبرالتواصل معهم من خلال زيارات ودية والإستماع إليهم ومنحهم الحق في الدفاع عن النفس، وكلها مسائل ضرورية في مرحلة تأهيلهم من التدهور الخلقي والمهني الحاصل. هكذا لخصت حداد حالهم مضيفة "العسكريون ليسوا مختلين ، ولكن ليسوا أناسا عاديين أو طبيعيين أبداً . ولنقل بتجرد هم تحرروا جسدياً ولكنهم محتجزون دماغياً. هل يمكن أن نضم إلى صفوف الجيش شخصاً محتجزاً؟ فعلى سبيل المثال عندما يُسألوا عن النصرة يقولون ليست إرهابية وبعد قليل يصفونها بالإرهابية . هم لم يأخذوا قراراً بعد بطبيعة أو تصنيف من كانوا في سجنهم. وربما هو عامل الخوف، هم يتخوفون من أن يصل إليهم السجّان ، ويعيدهم مرة أخرى إلى الأسر، ولا يجب أن نلومهم أبداً". وفي إشارة إلى الشق القانوني من القضية تلفت حداد إلى أنه وفقاَ لقانون الدفاع 1975 يُسّرح المحرر، ويُكافأ مادياً ومعنوياً على تضحياته، ويُمنح وظيفة أخرى خارج المؤسسة العسكرية. وكذلك القانون الدولي متشابه في هذه الناحية، ويعتبر أن الأسير قد يعمل لمصلحة الآسر، وهذا متعارف عليه في كلّ دول العالم."أنا برأي شخصيا كعلم نفس وكمؤسسة تأهيل، يجب عدم إعادتهم بالمطلق الى الجيش، والقرارطبعاً لقائد الجيش، وهو يتعامل مع القضية بالكثير من الروية والتعقل ".
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك