Advertisement

خاص

أنفاياتٌ هيَ أم ألغاز؟

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
24-07-2019 | 04:34
A-
A+
Doc-P-610317-636995648678409085.jpg
Doc-P-610317-636995648678409085.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

يعاني لبنان من شحّ في الكهرباء والماء، لكن ثمة أزمة أخرى تطل من جديد ولا يمكن إخفاء رائحتها النتنة. تتقاطع المعلومات بأن بيروت وضواحيها ومناطق واسعة من جبل لبنان على مشارف أزمة نفايات مستجدة، بعد إقفال مطمر كوستابرافا وعدم قدرة مطمر برج حمود من استيعاب نفايات اضافية ... فضلاً عن الأزمة المشابهة في مناطق الشمال والجنوب حيث مئات المكبات العشوائية، هذا كله والتعطيل الحكومي مستمر، ويتمدد!

 

وسواء أكان موضوع "كوستابرافا" نتيجة كيديات سياسية من فريق تجاه آخر، أم مسألة تقنية محضة، فهو في الخلاصة يعني عودة للنفايات إلى الشوارع مع ما تعنيه من آثار كارثية تهدد صحة اللبنانيين ونظامهم البيئي والبحري والبري وهواءهم وطبيعتهم، ويعني فوق ذلك مزيداً من عجز السلطة عن انتاج حلول فعالة لأزمة بدأ فصلها الأخير عام 2015 وما تزال مثالاً صارخاً عن العشوائية والتسرّع وعدم التخطيط، وبهذا المعنى لا يقال إن إغلاق مكب هو المشكلة، بل التعامل الرسمي وتعامل القوى السياسية مع هذه الأزمة هو الكارثة الوطنية مكتملة الأوصاف والأركان التي تمسّ صورة لبنان ومصداقية أهل السلطة فيه.

 

هذه هي صورة الوضع المأزوم لألف سبب وملف. يجهد المسؤولون في التهليل لـ "إنجازات" هي في حقيقة الأمر من أبسط واجباتهم كإقرار الموازنة رغم ثغراتها، فيما الحقيقة أن المشهد الداخلي يراوح بين سجال وسجال، وبين تعطيل وتعطيل، وبين شعبوية وعنصرية؛ حول النفايات، والفساد، وغياب الخدمات، وشبح الإفلاس، وتجاوز القانون وغيرها..

 

من الترف، أو من السذاجة، ربما، المطالبة بحل جذري ونهائي لمشكلة النفايات. فقد ثبت أن هذه الأزمة أكبر من كل شيء. أكبر من أزمةالشرق الأوسطوصراع النووي وأمن المضائق .. وأكبر أيضاً من كل الملفات الداخلية، أزمة لا شيء يشبهها في عبثيتها وشفافية تعبيرها عن مستوى الفساد في لبنان، سوى أزمة الكهرباء التي يتكرر الحديث عن حلها القريب.. من ربع قرن!!

 

بحسب الدراسات، "ينتج" لبنان حوالى 940 طناً من النفايات الصلبة في اليوم الواحد. يجري تصريف 5% منها عشوائياً في المكبات، كما ينتج نحو 50 طناً من النفايات الصلبة الخطرة في العام، وكل ذلك لم يخضع لإطار معالجة علمي، بيئي، صحي.. فقط يدخل في بازار الفساد والانتفاع من المال العام.هكذا، يكون التراشق السياسي العنيف على هذا الملف، نوعاً من التعمية المقصودة.. هل يعقل أن يبلغ الانفاق على موضوع النفايات منذ اندلاع هذه الأزمة قبل عدة سنوات مئات ملايين الدولارات، من دون أن يتحقق أي شيء في سبيل حلّها، سوى ترقيعات جزئية وآنية لا تحمل صفة الاستمرار أو مراعاة الضوابط البيئية؟؟ من يتحمل فوضى المكبين الكبيرين وآثارهما البيئية والصحية، ومن ورائهما مئات المكبات العشوائية؟ وأي حكم أو سلطة هي التي تغرق في أزمة نفايات ولا تستطيع بوزاراتها، ولجنتها النيابية، ومجلس إنمائها وإعمارها، وبلدياتها وكل عباقرتها من حلها؟! فقط في لبنان.

 

في الخلاصة، أزمة النفايات مستمرة ولا يبدو أن ثمة حلولاً قريبة ومستدامة لها، لا في المركز – العاصمة، ولا في المناطق، سوى العشوائية والاعتداء المتكرر على الطبيعة براً وبحراً.. وما ينطبق على أزمة النفايات، يسري على أزمات الكهرباء والماء والانترنت والأدوية واللحوم والرواتب والمطار والطرقات وغيرها الكثير الكثير.. عشوائية وارتجال وتسرّع. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 
Advertisement
 
 
 
 
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك