Advertisement

خاص

أنجي خوري وما كشفته..هل من ألقى نظرة على القلب؟! ​

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
11-10-2019 | 04:46
A-
A+
Doc-P-633924-637063917911509530.jpg
Doc-P-633924-637063917911509530.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
 

"أبوها ظَلَمَها!سَرَقَ مِنها طفولَتَها!ضاعت.هَرَبَت إلى الأنستغرام.ثارَتْ وَثَأَرَتْ وأثارَت الرأي العام... الافتراضي!تقول:"أقوم بأيّ شيء لِكَسب الشُّهرَة"! ثَوْرَةُ الهَوَامِش!".

هكذا، سوّق الإعلامي نيشان ديرهاروتنيان للحلقة الأولى من برنامجه "أنا هيك" على شاشة الجديد، مرفقاً عبارته بفيديو مقتطع منها حيث تظهر "أنجي خوري" باكية فيما تكشف عما عانته في حياتها من عنف وتعذيب: "كل حدن وكل بنت يحط حالو محلي ويشوف لي أنا شفتو ساعتها يجي يواجهني".

الحلقة التي عُرضت عشية "اليوم العالمي للصحة النفسية" الذي يصادف في 10 تشرين الأول من كل عام، لم يكن هدفها متابعة حالة "أنجي" النفسية، ولا حتى الإضاءة على عواقب العنف وتأثيراته على الصحة النفسية وبالتالي، التوعية. في سياق الحديث، أقرّ "نيشان" أنه سأل نفسه في مرحلة الإعداد، ما إذا كان يستضيف شخصية معنفة أم "إحدى إفرازات السوشيل ميديا". بالطبع، أدرك الإعلاميّ أن ضيفته "أنجي" ليست كـ "زميلتها" في الحلقة نفسها "ريما ديب" رغم العديد من العوامل المشتركة بينهما لا سيّما الابتذال الجنسي والشعبوية، ولا هي مثل ضيفته الثالثة "رملاء نكد" المثيرة للجدل أيضاً، لكنه لم يترك لهذا "الاختلاف" أن يشكّل مدماك حلقة أخرى منفصلة تُقارب علمياً وتكون ذات جدوى، فكانت النتيجة أن وُضع للحلقة عنوان عريض أكثر إثارة يصوّب على "مواقع التواصل" والشهرة، ما بينهما من مصطلحات منمقة مثل "حرية الرأي" و"ثورة الهوامش"...

 وأنجي خوري هي صبية عشرينية (من سوريا) نالت شهرة واسعة في الفترة القريبة الماضية بسبب تفاعلاتها الإفتراضية وصورها المثيرة على إنستغرام إضافة إلى خلافاتها النارية مع "الفنانة قمر" و"الفنان آدم" وآخرها زعمها أن الأخيرين قاما باختطافها وضربها، وردّ "قمر" عليها متهمة إياها بأنها "مريضة نفسياً" و"بينشفق عليا". بالطبع، لم تخف "أنجي" قطّ  تعنيف والدها له وعيشها حياة قاسية وصعبة جداً حدّ حرمانها من طفولتها، وها هي قد ذكرّت بهذه المأساة في "أنا هيك"، لينتهي بها المطاف، مقدمة إثباتات، من دون قصدها بل ومن دون أن تقول ذلك لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، عن "أوضاع" موضوع الصحة النفسية في المجتمع اللبناني، بكل مستوياته وفئاته ومكوّناته!

نعم، فقد تأكد مرة جديدة للأسف، أنّ معاناة شخص ومعايشته لحالة نفسية مرضية معينة، لا يؤخذان على محمل الجدّ، في أغلب الأحيان، إما لأن الموضوع ما زال يعتبر من "التابوهات"، وإما لغياب الوعي الكافي حوله (وهذه سمات مجتمعية) أو ببساطة لأن "الرايتينغ" لا يأتي على طبق المعالجة العلمية البناءة، في معظم الأحيان (وهذه سمات إعلامية(!

وليس مطلوباً في الحقيقة من برنامج "أنا هيك" الذي رسم له القائمون عليه صيغة واضحة بأهداف وغايات وتركيبة محددة، أن يقوم دائماً بهذا الدور. ثمة برامج أخرى على الشاشات تسعى إلى القيام بمهمة المعالجة العلمية والتوعية (مع التحفظ على أداء الكثير منها)، لكن هل أثبت الرأي العام فعلاً أنه مستعدّ لتقبلها والإفادة منها؟! وهل استطاعت المحاولات الإعلامية أن تحدث أي تغيير يذكر في المجتمع؟ وهل نحن أصلاً على السكة الصحيحة أم أنّ الإعلام، كسلطة ذات تأثير بنوي، مدعوّ إلى تبني مقاربة أخرى في موضوع الصحة النفسية، وبالتالي تشكيل أداة ضغط تحضّ المعنيين في الدولة وأصحاب القرار على وضعه في سلّم الأولويات؟!

أسئلة كثيرة تُطرح في هذا الملف، والوقائع، للأسف، ليست محرّكة للآمال بما يكفي. في لبنان، لا نظام صحياً يضع الصحة النفسية ضمن أولوياته، ولا ثمة جهوداً رسمية ملحوظة تُبذل في هذا المجال. ما زال "المريض" يجد نفسه أمام أعباء مالية ومجتمعية ومعنوية ولوجيستية في حال قرر الخضوع للعلاج، ولا يزال بعض اللبنانيين، إن لم نقل، الأغلبية، يفتقر إلى الوعي الكافي حيال أهمية الصحة النفسية ووجوب تقديم الدعم، أو أقلّه، التحلي بمسؤولية يفرضها في المرتبة الأولى، العلم بشكل رئيس. ومن المفارقات في المجتمع اللبناني، أنّ بعض اللبنانيين، وفي معرض تعليقه على أزمة أو حالة عصيبة يمرّ بها، يمزح قائلاً:"صار بدي حبة "كزاناكس" أو "ليكزوتانيل"، لكنه يخشى في معظم الأحيان دخول عيادة طبيب نفسي فتوصف له "أدوية أعصاب"، وفق التعبير الشائع الذي يحمل في طيّاته وسمة عار، تماماً كما يُطلق على شخص يعاني حالة مرضية نفسية معينّة صفة "مجنون". وما زالت الأغلبية، للأسف، تجهل أنّ بعض الأمراض النفسية مرتبطة في الأغلب، بخلل عضوي يحصل في الدماغ!

وتعرّف منظمة الصحة العالمية "الصحة النفسية بأنها حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه المحلي.ويتجلى البعد الإيجابي للصحة النفسية في تعريف الصحة الوارد في دستور منظمة الصحة العالمية: "الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز."

وتلفت منظمة الصحة العالمية إلى أن "هناك علاقة بين تدني مستوى الصحة النفسية وعوامل من قبيل التحوّل الاجتماعي السريع، وظروف العمل المجهدة، والتمييز القائم على نوع الجنس، والاستبعاد الاجتماعي، وأنماط الحياة غير الصحية، ومخاطر العنف واعتلال الصحة البدنية، وانتهاكات حقوق الإنسان".

هكذا، وعشية اليوم العالمي للصحة النفسية، كانت على وسائل التواصل الاجتماعي، تعليقات كثيرة تُسخّف ما كشفته "انجي خوري" عن عذابها ومعاناتها النفسية نتيجة ما عاشته من تعنيف وحرمان. الجميع نظر إلى صدرها وشتم وعاب عليها ما تفعله وما يمكن أن توصله من رسائل إلى المعنفين والمعنفات في هذا العالم، لكن هل حقاً من ألقى نظرة على قلبها ليفهم؟

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك