اكتشف علماء الفلك جرمًا سماويًا نادرًا في أقصى أطراف النظام الشمسي، يُعرف مؤقتًا باسم 2023 KQ14، ويُلقّب بـ"الأمونيت"، في اكتشاف يُعدّ الرابع فقط من نوعه على الإطلاق. هذا الجسم، الذي يندرج ضمن فئة "السدنويدات"، قد يغيّر ما نعرفه عن النظام الشمسي الخارجي، ويُلقي بظلال من الشك على وجود "الكوكب التاسع" الغامض.
تم رصد "الأمونيت" لأول مرة عبر تلسكوب "
سوبارو" الياباني ضمن مشروع FOSSIL، وهو مبادرة لدراسة الأجسام الجليدية البعيدة. ورُصد عند نقطة حضيضه الشمسي على مسافة 71 وحدة فلكية، أي 71 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، وهو ما يؤكد طبيعته المتطرفة مقارنة بالكويكبات والكواكب المعروفة.
يمتاز الأمونيت بمدار فريد لا يتوافق مع أي من مدارات السدنويدات الأخرى الثلاثة المعروفة، وهو ما جعل العلماء يشيرون إلى أنه يسد فجوة "مدارية" حرجة تُعرف بـ"
الفجوة كيو" في توزيع الأجسام البعيدة، ويكشف عن أن بنية النظام الشمسي ربما تكون أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.
أعاد هذا الاكتشاف الجدل حول فرضية الكوكب التاسع، وهو جسم افتراضي ضخم يُفترض أنه يؤثر على مدارات الكويكبات البعيدة. لكن العلماء الآن يشككون أكثر في وجوده.
وقال الدكتور يوكون
هوانغ، من
المرصد الفلكي الوطني الياباني، إن "عدم توافق مدار الأمونيت مع المدارات الأخرى قد يُقلل من احتمالية وجود كوكب تاسع". وأضاف: "ربما كان هناك كوكب في الماضي، لكنه طُرد من النظام الشمسي، وترك وراءه هذه المدارات الغريبة".
المحاكاة الرقمية تشير إلى أن الأمونيت حافظ على مدار مستقر لأكثر من 4.5 مليار سنة، ما يُوحي بأنه ناجٍ من فترة تشكّل النظام الشمسي. ويُعد حضيضه الشمسي من بين الأعلى المسجلة، حيث يبلغ 66 وحدة فلكية، فيما يصل نصف محوره
الرئيسي إلى أكثر من 200 وحدة فلكية، ما يجعله من بين أكثر الأجسام بعدًا عن الشمس في قاعدة بيانات
الاتحاد الفلكي الدولي.
ساهم تلسكوب "سوبارو"، أحد أبرز أدوات الرصد الأرضية، في تتبّع مدار "الأمونيت" بدقة على مدى 19 عامًا، ما سمح للعلماء بتأكيد خصائصه المدارية الفريدة. ويقول هوانغ: "وجود أجسام بهذه المواصفات في هذا الجزء من النظام الشمسي يُشير إلى أن أحداثًا استثنائية وقعت في بدايات تكوّن الشمس".
وبينما يواصل العلماء فحص المدار والخصائص الفيزيائية لهذا الجرم، يأملون في منحه اسمًا أكثر
جاذبية من "2023 KQ14". لكن ما لا جدال فيه، أن هذا "الأمونيت السماوي" قد أصبح الآن محورًا جديدًا لفهمنا للتاريخ الديناميكي العميق للنظام الشمسي... وربما مفتاحًا لحل لغز "الكوكب المفقود".