في ظلّ تسارع
الثورة التقنية التي يقودها
الذكاء الاصطناعي حول العالم، بدأ العلماء يدقّون ناقوس الخطر بشأن التأثيرات العصبية والنفسية العميقة لهذه الأدوات على المراهقين، الذين يشكّلون الشريحة الأكثر استخداماً لها في حياتهم اليومية.
فقد حذّر باحثون في علوم الأعصاب والسلوك
البشري من أن الاعتماد المكثّف على أدوات مثل ChatGPT، Gemini، Claude، Grok، Perplexity وCopilot قد يؤدي إلى تغييرات ملموسة في كيفية عمل الدماغ البشري لدى اليافعين.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن المراهقين الذين ينجزون واجباتهم أو أبحاثهم بمساعدة الذكاء الاصطناعي بانتظام، يفقدون تدريجياً مهارات التفكير النقدي وحلّ المشكلات.
ويقول العلماء إن هذه الأدوات، رغم سهولتها وسرعتها، تشجّع على الحلول الجاهزة وتضعف المرونة الذهنية التي تتكوّن عادة في سنوات النمو.
إذ إن الدماغ في مرحلة المراهقة لا يزال في طور التشكل العصبي، وأي تدخل في طريقة معالجة المعلومات يمكن أن يترك آثاراً طويلة الأمد على مناطق التفكير المنطقي والإبداعي.
من جهة أخرى، يرى الخبراء أن الاستخدام المكثّف لهذه التقنيات قد يضعف قدرة المراهقين على التركيز والانتباه، إذ يعتاد الدماغ على الإشباع الفوري للمعلومة عبر إجابات جاهزة، ما يقلل قدرته على الصبر أو التحليل المتعمّق.
ويحذر الأطباء من أن هذا النمط السريع في التعلّم يخلق جيلاً أقل تحملاً للملل، وأكثر اعتماداً على المساعدات الذكية بدل الاعتماد على التفكير الذاتي.
يوصي العلماء بضرورة وضع قواعد واضحة داخل البيوت والمدارس لضبط ساعات استخدام الذكاء الاصطناعي. ويقترحون دمج هذه الأدوات بشكل تربوي واعٍ في المناهج التعليمية، بحيث تكون وسيلة داعمة للتفكير لا بديلاً عنه.
كما يدعون الأهل إلى تشجيع أولادهم على القراءة، والمناقشة، والألعاب التي تنشّط الخيال، حتى لا يصبح الذكاء الاصطناعي هو المصدر الوحيد للفكر والمعرفة.
ويختم الباحثون تحذيرهم بالتأكيد أن الذكاء الاصطناعي، إذا لم يُستخدم بتوازن، قد لا يبدّل فقط طريقة تعلّم الجيل الجديد، بل طريقة تفكيره وبناء وعيه الذاتي أيضاً.