في زمنٍ يحاول فيه الجميع إقناعنا بأن العمر عائق، يظهر كريستيانو رونالدو ليؤكد أن الشغف لا يشيخ، والطموح لا ينتهي، وأن الأساطير لا تعرف التوقيت. وبينما انشغل العالم بالشائعات والتكهنات حول مستقبله، واعتقد البعض أن رحلته مع "النصر السعودي" وصلت إلى محطتها الأخيرة، جاء الإعلان المفاجئ ليكسر كل التوقعات ويُشعل الحماس في قلوب عشّاق "العالمي"، معلنًا أن القصة لم تنتهِ بعد، بل تُكتب فصولها الأكثر إثارة الآن. رونالدو لم يُغلق الكتاب، بل فتح صفحة جديدة بعقد هو الأضخم والأكثر جدلًا في تاريخ الكرة، واضعًا حدًا لكل الأقاويل، ومرسخًا التزامه الكامل بالمشروع السعودي وبقميص النصر حتى عام 2027.

تفاصيل عقد خرافي.. أرقام فلكية وصلاحيات غير مسبوقة

عقْدُ "صاروخ ماديرا" الجديد يمتدّ حتى صيف عام 2027. ووفق التقارير، سيحصل النجم البرتغالي على راتب سنوي ضخم يتراوح بين 208 و400 مليون يورو، ليواصل تحطيم الأرقام القياسية خارج الملعب كما يفعل داخله. ويشمل هذا الرقم الخيالي مكافأة توقيع بقيمة 30 مليون يورو، بالإضافة إلى امتيازات مذهلة أبرزها الحصول على آلاف اليوروهات عن كل هدف وتمرير حاسم، وعشرات الملايين في حال التتويج بالألقاب الكبرى مثل الدوري السعودي ودوري أبطال آسيا، إلى جانب عائدات ضخمة من عقود الرعاية والشراكات الإعلانية.

إلى جانب ذلك، وفّر النصر لرونالدو طاقمًا شخصيًا متكاملًا يشمل ثلاثة سائقين، أربع مدبرات منزل، طباخين، ثلاثة بستانيين (للعناية بحدائق منزله وفيلاته)، أربعة حراس أمن، بل وطائرة خاصة تحت تصرّفه متى شاء. أما على الصعيد الرياضي، فقد حصل اللاعب الأسطوري على صلاحيات إدارية استثنائية، تتيح له التأثير المباشر في ملف التعاقدات وتحديد هوية الصفقات الجديدة، وهو ما انعكس في طلبه الأخير بضم المهاجم النيجيري الشاب فيكتور بونيفاس من "باير ليفركوزن" الألماني، في إشارة واضحة إلى أن رونالدو لا يكتفي بالبقاء، بل يريد بناء مشروع تنافسي حقيقي يليق بحجم طموحاته.

الأرقام لا تكذب.. رونالدو حجر الأساس في مشروع النصر

منذ انضمامه إلى النصر في كانون الأول 2022، أعاد رونالدو تسليط الأضواء العالمية على الكرة السعودية. أرقامه مع "العالمي" تتحدّث عن نفسها، حيث خاض 105 مباريات في مختلف البطولات، سجل خلالها 93 هدفًا، وقدّم 19 تمريرة حاسمة، وتوّج بلقب كأس الملك سلمان للأندية العربية في صيف 2023، إلى جانب فوزه بجائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف للدوري السعودي مرتين متتاليتين، آخرها بعدما أحرز 35 هدفًا في موسم 2023-2024.

رونالدو يكشف دوافع الاستمرار: "النصر منزلي.. والقصة لم تنتهِ"
وفي حوار مطوّل مع المركز الإعلامي للنصر، عبّر رونالدو عن فخره بارتداء قميص الفريق الأصفر، مشددًا على أن علاقته بالنادي والجماهير السعودية تجاوزت حدود كرة القدم. وقال: "أحببت الشعب السعودي منذ قدومي، والنصر أصبح منزلي، أنا هنا لتحقيق الألقاب وترك إرث حقيقي، ما قدمناه في الموسم الماضي لم يكن كافيًا، لكنني أؤمن بالمشروع وبقدرتنا على التغيير". ولم يُخفِ النجم البرتغالي طموحه في مواصلة المشوار حتى كأس العالم 2026، مؤكدًا أنه يهدف لقيادة النصر لتحقيق الألقاب، والمشاركة مع منتخب البرتغال في المونديال المقبل، ليواصل كتابة التاريخ في الملاعب الدولية.

التجديد لرونالدو بهذه الأرقام الفلكية يعكس رهانًا سعوديًا مزدوجًا، من جهة الحفاظ على أحد أبرز الأسماء التي ساهمت في رفع قيمة دوري روشن عالميًا، ومن جهة أخرى، إظهار جدية المشروع الكروي الكبير الذي تقوده المملكة استعدادًا لاستضافة كأس العالم 2034.

ورغم الانتقادات التي طالت رونالدو بسبب غياب البطولات الكبرى عن خزائن النصر خلال فترته الأولى، إلا أن أرقامه الفردية تؤكد أنه لا يزال عنصرًا حاسمًا في خط هجوم الفريق، وبالتوازي مع الصفقات المنتظرة مثل بونيفاس وتغييرات الجهاز الفني، يبدو الطريق ممهدًا أمام "العالمي" للمنافسة بقوّة على الدوري المحلي ودوري الأبطال الآسيوي.

بتمديد عقده حتى 2027، لا يكتفي رونالدو بتحدّي الزمن داخل الملاعب، بل يثبت مرّة أخرى أن تأثيره يتجاوز حدود الأرقام، ليشمل بناء مشروع رياضي واقتصادي طموح في السعودية. ومع بقاء "صاروخ ماديرا" في الرياض، تبقى جماهير النصر تنتظر الألقاب، ويظلّ العالم يُتابع كيف يواصل هذا الأسطورة كتابة فصول جديدة في قصة لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.