لم تكن الأيام الأخيرة عادية على عالم الرياضة... فقد توالت الأخبار القاسية كـ "السكاكين"، محمّلة بوفاة لاعبين شبابا، ونجوم مخضرمين، ورياضيين كانوا يملأون الشاشات بالحياة والطموح. بعضهم قضى تحت القصف، وآخرون في حوادث مفاجئة، وآخرون في لحظات استعراض بطولي تحوّلت إلى مشهد مأسوي.
هي أيام الموت في الملاعب، ذكّرتنا بضعف الإنسان حتى في ذروة تألقه الرياضي.
كان وقع الصدمة الأكبر من نصيب عشّاق
كرة القدم العالمية، حين تلقوا خبر رحيل النجم البرتغالي ديوغو جوتا، مهاجم ليفربول، عن عمر 28 عامًا إثر حادث سير مروّع في شمال غرب إسبانيا، أودى أيضًا بحياة شقيقه.
النبأ لم يكن عاديًا، بل نزل كالصاعقة على زملائه ومحبيه وناديه والاتحاد البرتغالي
لكرة القدم الذي عبّر عن "دماره الكامل" في بيان نعي رسمي.
جوتا، الذي مثّل البرتغال في 49 مباراة وساهم بتتويجات قارية، خطفته الحياة في لحظة، مخلفًا وراءه مسيرة ذهبية لم تكتمل، وعائلة مفجوعة، وجمهورًا مذهولًا لا يصدّق أن اللاعب الذي هتفوا باسمه، بات مجرّد صورة على الجدار.
وفي أقصى الشرق، وتحديدًا في
قطاع غزة المنكوب، لم يكن الموت أقل قسوة. ففي مشاهد مألوفة على أهل الأرض المحاصرة، ودّعت الرياضة
الفلسطينية عددًا من نجومها تحت وطأة القصف
الإسرائيلي.
اللاعب مهند الليلي استُشهد داخل منزله في مخيم المغازي، لتتبعه بطلة الملاكمة ملاك مصلح، واللاعب مصطفى أبو عميرة، إثر هجمات الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
لم يكن لديهم ملعب يحتمون به، ولا وقت لتصفيات أو تدريبات، فقط خُطفوا من الحياة برفقة عشرات المدنيين، وكأن الحرب تحترف أيضًا انتزاع الأحلام.
ومن
أفريقيا، حلّ الحزن على نيجيريا، مع خبر وفاة أسطورتها الكروية، بيتر روفاي، الحارس الأسطوري الذي دافع عن عرين "النسور الخضر" في مونديالي 1994 و1998، وتُوّج معهم بكأس الأمم
الأفريقية.
وفاته بعد صراع مع المرض حرّكت ذكريات ملايين الأفارقة الذين رأوا فيه رمزًا للحرفية والقيادة، ولاعبًا زرع الثقة في جيله.
أما في مصر، فالمأساة تكررت، لكن هذه المرة بحجم حلمٍ ناشئ لم ينضج بعد.
اللاعب يوسف الشيمي، من مواليد 2009، توفي دهسًا تحت عجلات قطار في حادث مروّع مع صديقه، أثناء عبورهما سكة الحديد في مدينة طوخ.
شاب في عمر الزهور، رحل قبل أن يلمس حلمه، مخلفًا وراءه دموع أمّ تنتظر رؤيته بلباس المنتخب، لا بكفن أبيض.
كما فقدت مصر أيضًا لاعب "الفلاي بورد" الشهير محمود عبدالغني عبدالعظيم، الذي توفي خلال عرض استعراضي إثر سقوط مروّع من ارتفاع شاهق في منتجع بسهل حشيش.
كان يقدم عرضًا ترفيهيًا للجمهور، لكنه فقد التوازن، وسقط بقوّة، لينقل إلى المستشفى جثة هامدة، متأثرًا بإصابات قاتلة في الجمجمة.
في كل زاوية من العالم، بكت الرياضة أبناءها في هذه الفترة. من الملاعب الأوروبية إلى شواطئ غزة وقطارات مصر، ومن أساطير نيجيريا إلى استعراضات
البحر الأحمر... كان
القاسم المشترك واحدًا: فقدان الحياة وسط الحلم.
وربما كانت هذه الحوادث تذكرة حزينة بأن الرياضة، على الرغم من صلابتها وقوتها، لا تستطيع أبدًا حماية أبطالها من قسوة الحياة أو عشوائية الموت.
هؤلاء الراحلون ليسوا مجرّد أسماء في سجل الوفيات، بل قصص بدأت ولم تكتمل، ونهايات غير عادلة لحكايات كانت تستحق تصفيقًا، لا رثاءً.
رحلوا بأحلامهم... وبقينا نحن نحاول أن نتنفس، بين دمعة وذكرى، وملعب خالٍ من هدّافه.