مع اقتراب موعد افتتاح
الدورة 62 من معرض
دمشق الدولي، تلوح في الأفق سحابة ثقافية قاتمة، بعد تداول معلومات عن غياب النشاطات الفنية والغنائية المعتادة، التي لطالما شكّلت نبضاً لهذا الحدث السنوي الكبير، وحملت طابعاً حضارياً يعكس وجه
سوريا الثقافي أمام العالم.
موجة من الاستغراب والاستياء عبّر عنها فنانون ومثقفون سوريون، بعد رفض إقامة أي حفلات موسيقية أو عروض مسرحية ضمن فعاليات المعرض هذا العام، ما أثار تساؤلات عن الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع، خاصة في ظل الوضع الاجتماعي الهش والحاجة الملحة إلى فسحات من الحياة.
المخرج زهير قنوع، الذي حاول إدراج حفل فني ضمن المعرض، تلقى جواباً حاسماً بعدم وجود نشاطات فنية. قنوع يرى أن الفن ليس ترفاً بل ضرورة، وهو أحد أقوى أسلحة التعبير في مواجهة الانقسام والتطرف. ويؤكد أن إلغاء الفعاليات لا يعكس حداداً أو حزناً بل عجزاً عن الصمود في وجه التحديات.
أما المخرج المسرحي مأمون
الخطيب، فوصف غياب الفنون عن المعرض بأنه "إلغاء لنبض الحياة"، مشدداً على أن الفن مقاومة للصمت، وبدونه تفقد المدن هويتها وروحها. برأيه، هذا الانسحاب الثقافي يعني إعلاناً صريحاً عن الموت الرمزي للمجتمع.
بدوره، أعرب الموسيقي الأوبرالي فادي
عطية عن أسفه لتحييد الفن عن واجهة دمشق، المدينة التي كانت ذات يوم منارة ثقافية عالمية، وقد احتضنت مسرح معرضها الدولي أسماء بحجم فيروز،
عبد الوهاب، وأم كلثوم. يرى عطية أن هذا الغياب يمسّ مكانة دمشق التاريخية كمنبر للفن العربي والعالمي.
الكاتب الصحفي علي العقباني شدد على أن غياب الفنون السبعة عن المدن يعني تحويلها إلى أماكن بلا روح. يرى أن التضييق على الإبداع يفتح المجال أمام تيارات فكرية متشددة تسعى لقتل الحياة وتحويل الثقافة إلى رماد. ويؤكد أن إلغاء الفعاليات الفنية ليس مجرد قرار تنظيمي، بل تهديد للذاكرة والهوية والحلم السوري.
وسط هذا المشهد، يجد المثقفون السوريون أنفسهم في مواجهة امتحان وجودي حقيقي: هل تبقى الثقافة صوتاً حياً يعبر عن الإنسان، أم يُكتب لها الغياب في زمن الانكفاء والخوف؟
(روسيا اليوم)