Advertisement

لبنان

مفاوضات تحت الضغط… لبنان على خطّ الاختبار الاميركي

جاد الحاج - Jad El Hajj

|
Lebanon 24
09-12-2025 | 04:00
A-
A+
Doc-P-1452648-639008725734039594.jpg
Doc-P-1452648-639008725734039594.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

تتعامل واشنطن مع اللحظة اللبنانية الراهنة بوصفها مختبراً لقياس حدود الضغط القابل للتمرير قبل الانزلاق إلى مواجهة واسعة. ومن هنا تعمل على إبقاء مسار التفاوض مفتوحاً، معتبرة أن إدارة النقاش التقني في الناقورة تشكّل اليوم الوسيلة الأكثر فاعلية لانتزاع مكاسب من الدولة اللبنانية من دون كلفة عسكرية مباشرة. وفي ضوء ذلك تبرز جلسة التاسع عشر من الشهر الجاري كاستحقاق مفصلي، لا بسبب شكلها الإجرائي فحسب، بل لأنها ستحدد الإطار الذي ستُبنى عليه المرحلة التالية بكل تفاصيلها.
Advertisement

في المقابل، يستخدم العدو الإسرائيلي خطاب "العرض الاقتصادي" كغطاء لمطلبه الرئيسي، المتمثّل بإنشاء منطقة عازلة في الجنوب، وهي الفكرة التي سبق أن مرّرها الموفد الأميركي توماس براك، قبل أن يأتي طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بخفض منسوب الضغط العسكري والانتقال إلى طاولة التفاوض. ومن هنا يظهر بوضوح أن واشنطن تسوّق البديل عن الحرب بوصفه موافقة لبنانية على هذا الطرح، ما يجعل الناقورة ساحة تقييم حقيقي لمدى قدرة الأميركي على فرض شروطه.

وتشير مصادر سياسية مطّلعة إلى أن المزاج الدولي الممسك بالملفّ اللبناني يتّجه نحو إرجاء أي مواجهة واسعة إلى مرحلة لاحقة، مع اعتبار أن الظروف الراهنة لا تتيح خوض حرب شاملة، من دون أن يعني ذلك تراجعاً إسرائيلياً عن مسار الاغتيالات والعمليات الأمنية. فواشنطن، بحسب المصادر، ترى أن اللحظة ما زالت مناسبة لتوظيف الضغط السياسي على لبنان، بدلاً من الانخراط في صدام عسكري كبير لا يخدم حساباتها الإقليمية حالياً.

وسط هذا المشهد، يبرز اصرار "حزب الله" على إلزام العدو الاسرائيلي بالقرار 1701 من دون قبول أي تعديل يطيح بمرتكزاته الأساسية، خصوصاً أن "الحزب" يعتبر أن الدولة اللبنانية قدّمت ما يكفي من المرونة، في حين لم تُقدّم إسرائيل أي التزام واضح لا بالانسحاب ولا بوقف الاعتداءات ولا بملف الأسرى. وبالتالي يرى "الحزب" أن أي طرح لا يتضمّن ضمانات ملموسة يبقى مجرد مناورة لا يمكن البناء عليها.

داخلياً، تتجه الأنظار نحو الانتخابات النيابية المقبلة، في ظل هواجس حقيقية من محاولة جرّ البلاد إلى تأجيل، قد يتحوّل إلى مسار مفتوح لا يقتصر على بضعة أشهر. ومع ذلك، تؤكد مصادر سياسية مطّلعة أن الرؤساء الثلاثة قد حسموا خيارهم بإجراء الانتخابات في موعدها، من دون الدخول في متاهة تعديل القانون، لأن أي تعديل سيقود حكماً إلى التأجيل، وهو ما يناسب بعض القوى التي تسعى لتغيير قواعد اللعبة قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ولذلك يظهر تمسّك الرؤساء الثلاثة بموقف واحد واضح لا تراجع عنه.

وفي موازاة هذا الحراك، تفيد مصادر امنية مطّلعة بأن ترتيبات جديدة بدأت تُطرح بشأن زيارة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل إلى الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد أن خضع البرنامج السابق لسلسلة تعديلات جوهرية أدّت إلى صرف هيكل النظر عن الزيارة في حينه. وتشير المصادر إلى أن استئناف التحضير للزيارة جاء في ضوء تقارير لجنة "الميكانيزم" وآليات المتابعة الدولية التي سجّلت التزام المؤسسة العسكرية بتنفيذ مهامها جنوب الليطاني، والعمل على تكريس مبدأ حصرية السلاح في نطاق انتشارها.

وبحسب المعطيات، فإن واشنطن تسعى عبر هذه الزيارة إلى إجراء تقييم مباشر لدور الجيش في المرحلة المقبلة، وقياس مدى قدرته على تثبيت الاستقرار في الجنوب، واستطلاع إمكان تحميله مسؤوليات إضافية مرتبطة بمسار التفاوض الدائر. وتقول المصادر، إن ما يتّضح من الحركة الدبلوماسية المتصلة بهذه المساعي أنّ الإدارة الأميركية تنظر إلى المؤسسة العسكرية باعتبارها العنصر الأكثر قدرة على لعب دور حاسم في أي ترتيبات أمنية جديدة، ما يجعل زيارة هيكل، في حال حصلت، مؤشراً على الوجهة التي تريد واشنطن اختبارها في الأشهر المقبلة.

في الخلاصة، تبدو البلاد أمام مسار يزداد تشابكاً بين الضغط الدبلوماسي الأميركي والرهان الإسرائيلي على فرض وقائع جديدة، في مقابل تمسّك "حزب الله" بثوابت لا تسمح بالمساس بالإطار الذي حدّده "الحزب" للتعاطي مع هذا الملف. وما بين مفاوضات الناقورة، واستحقاق الانتخابات، وحضور الجيش في معادلة الجنوب، يدخل لبنان مرحلة تحتاج إلى أعلى درجات الحذر، لأن أي خطأ في الحسابات قد يحوّل ما يبدو تسوية إلى أزمة أكبر من قدرة الداخل على احتوائها.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد الحاج - Jad El Hajj