اختتم "مركز التراث اللبناني" في
الجامعة اللبنانية الأَميركية سلسلة ندواته لهذا الموسم الجامعي 2024-2025 بلقاء استثنائي عن النهضوي اللبناني أَلبرت الريحاني، بحضور جمهور غصَّت به قاعة المحاضرات
في الجامعة، تصدَّره رئيسُ الحكومة السابق تمَّام سلام، الوزيرُ السابق
وليد جنبلاط وزوجته نورا، النائب غسان سكاف، السفيرة كارلا جزَّار، السفير رائد الخادم، وعمداء كليات جامعية وأَكاديميون ومثقفون ومتابعو النشاط الدوري لـ"مركز التراث".
عبدالله: الجامعة واحةُ حوار
أَدار اللقاءَ مديرُ "المركز" الشاعر هنري زغيب، وافتتحَه رئيس الجامعة الدكتور شوقي عبدالله بكلمة جاء فيها: "إِنه اللقاءُ الأَخير لهذا الموسم الجامعي، لكن "مركزَ التراث اللبناني" بدأَ منذ اليوم يُـهَـيِّـئُ للموسم التالي مع أَيلول المقبل. فهذا "المركز"، الذي تأَسس قبل ثلاثٍ وعشْرين سنةً، لم يتوقَّف أَبدًا عن نشاطِه الدَوريِّ المتواصل. وحتى حين تعَذَّرَ اللقاءُ الحضوري، عقَدَ عشرينَ ندوةً إِلكترونيةً عن بُعْد، استضاف إِليها نحو أَربعين ضيفًا، ولم يتوقَّف عن النشاط. ذلك أَنَّ "مركز التراث"، على صورة جامعتِنا LAU، وهي تتخطَّى الصعوباتِ المفاجِئَةَ وتجدُ لها حلولًا فوريةً، يجد "المركز" كذلك حلُولًا مناسبةً كي لا يتوقَّفَ عن نشاطه المتواصل.
وأَضاف: "أَقولُ هذا، لأُؤَكِّد أَنَّ "مركز التراث" في جامعتنا يؤَدِّي رسالتَه، واعيًا تمامًا أَنَّ التراثَ لا يتوقَّف في الزمان مهما تجمَّعت صعوبات الزمان. فالوطنُ، هو الباقي بإِرثه وتُراثه وموروثاتِه ووارثيه، لأَنه الثابثُ مكانًا وزمانًا، ويطلُّ كلَّ يوم بشعاعٍ جديدٍ من شمسه الخالدة. وهذا المركز الذي تتفرَّد به جامعتُنا، هو إِضافةٌ مثْمرةٌ إِلى ما في الجامعة من مراكز ومؤَسسات أُخرى، تجعل من الدراسة الجامعية فُسحةً واسعةً من المدارك المعرفية، ما يُخرج مفهومَ الجامعة من مجرَّد طلَّابٍ مُتلقِّين على المقاعد في غرفة المحاضرات أَمام أُستاذٍ مُحاضرٍ، ليكونَ مفهومُها الأَوسعُ تفاعُلَها مع محيطها الأَقرب ومجتمعها المحيط، فتصبحُ الجامعة محورَ اهتمامٍ من جميع الفئات العُمْرية ومختلَف تَطَلُّبات المعرفة. إِنَّ الجامعة ليست مقعدًا طالبيًّا ومُحَاضرًا منبريًّا وحسْب، بل هي واحةٌ غنيةٌ بالثمار، تنتظر دومًا مَن يجنيها".
بيُّوض: أَبحاث دقيقة وغنيَّة
بعد كلمة الرئيس، تمَّ عرضُ فيلم وثائقي قصير أَعدَّته كارولين زعرب طايع مدخلًا إِلى عالَم أَلبرت الريحاني، تلاه القسم الأَول من عرض بصري غني محوري طوال اللقاء أَعدَّته الدكتورة جنى مكرم بيُّوض وعرَضتْه حصيلةَ أَبحاثها الدقيقة شارحةً بالصوَر والنصوص أَهمية أَلبرت الريحاني الناشر وأَشارت إِلى أَنه أَصدر نحو 400 كتاب، عدَّدَت أَبرزها: نشْر مؤلفات شقيقه أَمين الريحاني، وأُخرى في مواضيع مختلفة بعضها جرُؤَ على نشرها، فيما تردَّد ناشرون آخرون.
مي الريحاني: أَبي أَلبرت ناشرًا
ثم دار حوار بين مدير "المركز" والشاعرة مي الريحاني حول الدور المفصلي الذي لعبهُ والدُها أَلبرت ناشرًا، منه أَنه وسَّع مساحة الحرية فكان ناشرًا متفردًا مغايرًا، مؤْمنًا بِـحرّية القول والفكر والنشر، وأَصدر كتبًا جريئة أَحدثَت جدلًا، منها "هذا الدين" لسيِّد قطب (1954)، و"مذهب الدروز والتوحيد" للسفير عبدالله النجار. وتحدَّثت عن البُعد العربي في مفهوم أَلبرت الريحاني، إِذ نشر مؤَلفات أُدباء ومفكرين من معظم
الدول العربية. وأَشارت إِلى نيله في معرض
نيويورك سنة 1949 جائزة كبرى لأَناقة منشوراته طباعيًّا وغنى مضمونها مواضيعَ وأَبحاثًا من كل حقل ثقافي.
الريحاني رائدًا
في القسم الثاني من اللقاء، تولَّت الدكتورة جنى مكرم بيوض ملخص أَبحاثها صورًا ونصوصًا عن أَلبرت الريحاني الناشر الرائد، الذي أَصدر في "دار الريحاني للطباعة والنشر" عددًا من الكتب والمجلات التي كانت رائدةً في مواضيعها وأَصدرها في حقبة الأَربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي.
رمزي الريحاني: أَبي أَلبرت رائدًا
وكان حوار بين مدير "المركز" ورمزي الريحاني حول ريادة والده أَلبرت في نشر أَربع مجلات جديدة: "صوت المرأَة" قبل أَن يَصدر عن الدولة قانون حق المرأَة في التصويت، ومجلة "شعر" التي كانت الأُولى من نوعها في التخصُّص بالشعر فقط، ومجلة "الثريا" التي كانت صوت "حلقة الثريا" الثقافية، ومجلة "
دنيا الأَحداث" نصف الشهرية التي أَصدرها لزوجته لورين أَولَ مجلة من نوعها للأَولاد تَصدر ملونة برسوم وقصص قصيرة وأَلعاب ثقافية منوعة. وتفرَّد أَلبرت بأَن أَنشأَ أَول متحف شخصي خاص لشقيقه الأَمين في الفريكة، وأَصدر أَول موسوعة عربية للطلاب والباحثين مجَلَّدًا واحدًا في 858 صفحة تضم 4457 موضوعًا و256 لوحة وخارطة.
الريحاني مكرِّمًا
القسم الثالث من الندوة كان عن أَلبرت الريحاني مكرِّمًا مجموعةً كبيرةً من الأَعلام عرضتْها الدكتورة جنى بيُّوض وشرحَتْها بالصُوَر والنصوص، تلاها حوارٌ أَخير بين هنري زغيب ورمزي الريحاني عن احتفلات التكريم التي أَحياها والده أَلبرت في منزله في الفريكة، أَبرزها تكريمه سنة 1958 الدكتور شارل مالك ومحمد أحمد محجوب المرشّحَين لرئاسة الجمعية العامة للأُمم المتحدة، وتكريم إِيليا أَبو ماضي والشاعر القروي والشيخ عبدالله العلايلي وأَعلام آخرين في حقول الأَدب والعلوم.
وختمت الدكتورة جنى بيوض اللقاءَ بفقرة "الحب الكبير" الذي جمع أَلبرت الريحاني وزوجته لورين، "في حياة هانئة أَثمرَت أَربعة أَولاد ناجحين في اختصاصاتهم: أَمين، مي، رمزي، سرمد، فكان أَلبرت الريحاني مكرِّمًا في حياته، وهو اليوم مكرَّمٌ من أَولاده ومركز التراث في LAU"، فكان التفاعل أَسئلةً وإعجابًا بعرض الدكتورة جنى مكرم بيُّوض وبالحوار مع مي ورمزي الريحاني.
وأعلن مدير المركز عن أول لقاء في الموسم المقبل، وسيكون عن قصر بيت الدين "لؤلؤة هندسية".