في
تموز 1575، وصلت
الملكة إليزابيث الأولى إلى قلعة كينيلوورث في زيارة فاخرة خطط لها المقرب منها
روبرت دادلي، الذي أنفق ثروة لترتيب حفلات ومسارح وألعاب نارية وعروض مائية خيالية، بهدف وحيد: طلب يد
الملكة للزواج. لكن رغم الجهود، لم يتم الزفاف، ولم تتزوج
إليزابيث أحدًا قط.
الحب والسياسة والدم
إليزابيث الأولى، ابنة الملك
هنري الثامن، كانت المرأة الوحيدة التي حكمت
إنجلترا دون أن تتزوج. طوال حياتها، رفضت الضغوط السياسية والمجتمعية التي طالبتها بإنجاب وريث، مفضّلة أن تبقى "الملكة
العذراء".
يعتقد البعض أن علاقتها بداودلي كانت أكثر من صداقة، وأنها ربما فكرت في الزواج منه، لكن تدخله في مسرحية حاول فيها دفعها نحو الزواج، أثار غضبها، وأُلغي
العرض المسرحي فجأة. لاحقًا، حين تزوج
دادلي من امرأة أخرى، قاطعت إليزابيث الحفل واحتاجت وقتًا لتسامحه.
أسباب شخصية وتاريخية
تجربة إليزابيث مع الزواج في عائلتها كانت كارثية: والدها أعدم والدتها آن
بولين، كما شهدت زوجات أبيها يُقتلن أو يمتن في ظروف مأساوية. كانت شاهدة أيضًا على حكم زوجة أبيها كاثرين بار بكفاءة أثناء غياب الملك، ما
أرسى في ذهنها أن المرأة قادرة على الحكم دون رجل.
البعض يرى أن إليزابيث ربطت بين الحب والموت، ففي أحد المسلسلات التاريخية، نُقل عنها قولها: "أولاً هناك الثقة، ثم الشغف، ثم الموت" وهي عبارة تعبّر عن خوفها من التبعية أو الخيانة.
زواجها الرمزي من إنجلترا
سياسيًا، رفضت إليزابيث الزواج من أجنبي خوفًا من سيطرة خارجية على إنجلترا، ومن إنجليزي لأنه سيثير صراعات داخلية. وبدلًا من ذلك، قدّمت نفسها كملكة متزوجة من وطنها. وفي أحد خطاباتها، قالت: "أنا متزوجة من مملكة إنجلترا".
نصب فني يخلّد القصة
بمناسبة مرور 450 عامًا على زيارتها لكينيلوورث، أقامت الفنانة
ليندسي مندك معرضًا بعنوان "اللعبة الخبيثة"، يصوّر إليزابيث كلبؤة ودادلي كدب، وسط رقعة شطرنج عملاقة ، تجسيدًا لمهارات الملكة السياسية ومناوراتها العاطفية التي ضمنت بقاءها وحكمها لأكثر من 45 عامًا.
ربما كان رفض إليزابيث الزواج قرارًا شخصيًا، وربما كان أذكى قرار سياسي في حياتها. فقد حكمت بقبضة حديدية، وخلّدت نفسها في الذاكرة كـ"العذراء التي تزوجت وطنها".
(BBC)