في "نجاح" صيني جديد في مواجهة العقوبات الأميركية على إمداد بكين بتكنولوجيا الرقائق الإلكترونية المتقدمة، ابتكر علماء صينيون شريحة رادار ذات إنتاج قياسي من الطاقة ستسبب طفرة عالية في عدة مجالات، لاسيما الاستخدامات العسكرية.
ووفق ما نشرته صحيفة "ساوث تشينا مورنينغ بوست"، الأربعاء، فإنّ فريقاً بحثياً تابعاً لشركة دفاع صينية كبرى قام ببناء الشريحة باستخدام تكنولوجيا أشباه الموصلات التي تخضع لعقوبات أميركية صارمة.
وقبل أيام قليلة، أعلنت الصين عن هاتف Mate 60 Pro من إصدار شركة "هواوي"، يحتوي على شريحة Kirin 9000s، التي تدعم الجيل الخامس، والمفترض أنها تعمل بتكنولوجيا محرمة أميركيا على الصين.
قدرات الرادار الجديد
وتفصيلاً، قال تقريرُ الصحيفة الصينية عن شريحة الرادار الجديدة إنها "اعتمدت في تصنيعها على تكنولوجيا رقائق متطورة تفرض الولايات المتحدة قيوداً على وصولها إلى الصين"، وأضاف: "يمكن للرقاقة التي بحجم الإصبع أن تولد إشارات رادارية تصل طاقتها القصوى إلى 2.4 كيلووات. هذه الطاقة أعلى مرة أو مرتين من أداء رقائق تضخيم الطاقة المماثلة في معظم أنظمة الرادار الحالية".
ولفت إلى أنهُ يمكن استخدام الرقائق الجديدة لبناء رادار قوي للغاية يستخدمه الجيش لتحديد التهديدات وتوجيه الصواريخ، مشيراً إلى أنه "يمكن إنتاج ذاك الرادار بكميات كبيرة بتكلفة منخفضة نسبياً"، وتابع: "الجيل الجديد من الرادارات التي ستحوي هذه التكنولوجيا تصل طاقتها إلى 30 ميغاوات، وهي قوية بما يكفي لاكتشاف الأهداف على بعد 4500 كيلومتر. الأمر سيتطلب عشرات الآلاف من الرقائق التي تعمل معًا بسلاسة لتوليد موجات كهرومغناطيسية قوية في نبضات سريعة".
وأكمل: "الرقائق الجديدة تستخدم نيتريد الغاليوم، وهي مادة شبه موصلة، والغاليوم معدن نادر يمكنه تعزيز قوة وكفاءة الأجهزة الإلكترونية. الحكومة الأميركية وحلفاؤها سبق وفرضت حظراً صارماً على تصدير أشباه الموصلات عالية الطاقة المعتمدة على الغاليوم إلى الصين".
وتنتج الصين أكثر من 80 بالمئة من الغاليوم في العالم، ومن جانبها، فرضت قيودها الخاصة على تصدير المعدن، وتبلغ سماكة طبقة نيتريد الغاليوم الموجودة في الشريحة بضعة نانومترات فقط؛ مما يسمح لها بتوليد إشارات قوية مع تدفق سريع للإلكترونات.
وعندما يتجاوز إنتاج الطاقة 1 كيلووات، فإن معظم أشباه الموصلات القائمة على الغاليوم تكون عرضة للانهيار بسبب حدوث تسرب للإلكترونات تحت الجهد العالي.
ويمكن لنيتريد الغاليوم أن يكون حاجزاً لمنع تسرب الإلكترونات، في حين أنّ الشريحة الجديدة أيضا تقلل الإجهاد الحراري الكبير أثناء تشغيل الرادار، وتجعله يظل في درجة حرارة أقل بكثير من عتبة الأمان.
يرصد تفاصيل الجيران
وفي ما خصّ أهمية هذا الإنتاج التكنولوجي الجديد للصين في المجال العسكري، يعلق الخبير العسكري جمال الرفاعي لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنه بالنظر إلى أن هذا الرادار قادر على مسح كل ما هو موجود في نطاق 4500 كيلو فإنه "في العالم كله لا يوجد رادار بقوته، وأقرب المنافسين يخلفه بعشرات الخطوات".
كذلك، يوضح الرفاعي أنهُ "على المستوى العسكري، فإن هذا الرادار قادرٌ على رصد حركة المركبات التي تسير في شوارع تايوان"، وأضاف: "بالنظر إلى هذا الرادار، نجدُ أن بحر الصين الجنوبي؛ أي منطقة النزاع التي تشغل الصين، تقعُ بكاملها تحت أنظار بكين".
وأكمل: "بتثبيت هذا الرادار على سفينة تجوب المنطقة ستستطيع بكين قراءة أدق التفاصيل عند جيرانها. بالإضافة إلى ذلك فقدرة توجيه الصواريخ ستكون مذهلة للغاية. مع هذا، فإن الرادار سيوفر للصواريخ نطاقاً بعيداً عن الدفاعات الجوية، وسيدعمه بمسار دقيق للهدف المطلوب".
أما على المستوى المدني، فيتوقع الرفاعي أن يكون الرادار قادراً على تحديد مسار أكثر من طائرة في وقت واحد، كما سيمكنه تتبع حركة الطائرات المدنية بدقة عالية. (سكاي نيوز عربية)