بعد حرب إسرائيل وحماس في 2021 ظهر السنوار جالسا على أريكة في الهواء الطلق، مبتسما وسط الأنقاض في لقطة أصبحت مميزة بالنسبة للمقاومة.
وبعد استشهاد السنوار نشر الجيش الإسرائيلي مقطع الفيديو يظهر فيه زعيم حماس وهو يلقي لوحا خشبيا على مسيرة ترصده حوله ومع إعلان وفاته أكدت حماس أن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة قوة الحركة ومرونتها.
لكن مجلة "إيكونوميست" البريطانية ترى أن وفاة السنوار تترك الحركة محطمة ومنقسمة، ورجحت أن تتنافس الفصائل الآن للسيطرة على الموارد المتبقية لحماس وأهدافها الأيديولوجية.
وفي تقرير، قالت "إيكونوميست إن "السنوار ركز السلطة في يديه، وإن أنصار مهندس هجمات 7 تشرين الأول 2023 يرون أنه كان سببا في خرق شعور إسرائيل بأنها لا تقهر، كما دفع قضية فلسطين المتراجعة إلى عناوين الصحف العالمية، أما خصومه فيرون أنه جلب الجحيم إلى غزة وتسبب في الموت والدمار هناك".
وكان صعود السنوار تتويجاً لعقود من التخطيط والتفوق على معارضيه، حيث حقق الرجل الذي وصفته المجلة بـ"العنيف" منصباً قيادياً داخل دائرة حماس الانتخابية المؤثرة في السجن، كما حقق شهرة واسعة النطاق في قتل المشتبه بهم من المتعاونين خلف القضبان.
وبعد إطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى عام 2011، عُيِّن السنوار في مكتب حماس في غزة، وبحلول عام 2017 انتُخِب لقيادته وارتقى معه مساعدوه من السجن كما عزز كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة التي كان شقيقه محمد قائد بها.
ووفقا للإيكونوميست، فقد تم تهميش الجهات الفاعلة الأقل تطرفا في حماس، بمن في ذلك خالد مشعل، الذي كان قد وضع ميثاقا جديدا للحركة في 2017، وهو ما بدا كإشارة نحو حل الدولتين، وذلك على عكس الميثاق التأسيسي للمجموعة عام 1988 الذي يلتزم "بمحو" إسرائيل في فقرته الافتتاحية.
ومن بين العديد من الذين أجبروا على الرحيل من غزة كان فتحي حماد، وزير الداخلية الأسبق، الذي جرى تعيينه في مكتب حماس في إسطنبول.
وبحلول 2021، أصبح قطاع غزة "إقطاعية للسنوار" وفقا لتعبير "إيكونوميست" التي قالت إنه "بدأ يتجاهل مجلس الشورى القوي للحركة، وأبقى قادة حماس في الخارج بعيدا ولو بشكل جزئي عن خططه".
وبعد استشهاد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في تموز الماضي في إيران تولى السنوار رسميا قيادة حماس بأكملها، فيما اعتبرته المجلة "انتهاكا" لقواعد الخلافة الداخلية، وقالت إنه مع تركيزه على البقاء ومفاوضات وقف إطلاق النار التي بالغ فيها في تقدير قوته فيها لم يكن أمام الرجل سوى بضعة أسابيع ليعيشها.
واعتبرت "الإيكونوميست" أن مقتل السنوار يعني أنه ترك وراءه فراغا في السلطة، وقالت إن قدرة حماس على الصمود لعقود ترجع لحقيقة أنها وجدت طرقا لإضفاء الطابع المؤسسي على السلطة، لكن الهيكل التنظيمي الرسمي للحركة (مجلس الشورى والمكتب السياسي) يعاني الآن التهميش بسبب الاغتيالات وتركيز السنوار على صنع القرار.
وأضافت المجلة أنه سيكون هناك صراع حول الموقع المادي لمركز قوة حماس، لأنه على الرغم من بقاء الآلاف من المقاتلين وقِلة من القادة في غزة بينهم شقيق السنوار، فإن إرهاقهم وضعفهم قد يسمح لمراكز قوة أخرى بانتزاع السلطة من غزة.
ويحلم المتشددون الآن بالتفاوض على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين والاعتراف بحكم الأمر الواقع بسلطة حماس في أجزاء من غزة، ولكن من غير المرجح أن تقدم إسرائيل نفس الشروط التي رفضها السنوار عندما كانت حركته أقوى في وقت سابق من العام.
وقد تسعى إسرائيل بدلاً من ذلك إلى ما يعادل استسلام الحركة، مع المطالبة بأن يأخذ أي من قادة حماس الناجين ممرا آمنا من القطاع وحل الدور الرسمي لحماس في حكم غزة.
وإذا رفضت حماس هذا الحل فقد تختار إسرائيل مواصلة القتال، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقليص القوة البشرية للحركة بشكل أكبر، وبالتالي فقد تواجه تحديات من جانب جماعات محلية أخرى.
وأحد القادة المحتملين لحماس الآن هو خليل الحية الذي كان الأقرب إلى السنوار، والذي يدعم العلاقات الوثيقة مع إيران.
والخيار آخر هو خالد مشعل، الذي ترأس الحركة حتى 2017، والذي قد يرغب في أن تندرج حماس تحت منظمة التحرير الفلسطينية حتى لو كان على الحركة قبول الاتفاقيات السابقة للمنظمة التي تعترف بإسرائيل، وفي وقت سابق دعا للانفصال عن إيران وحزب الله، وفي 2012 قطع علاقات الحركة مع سوريا في ظل الحرب هناك.
قد يحدد زعيم حماس القادم إلى أين تتجه الحركة وفقا لإيكونوميست، التي قالت إن أحد التطورات قد يكون المزيد من احتضان العنف والتطرف بدعم من إيران، بهدف إعادة التسليح والتجنيد في غزة والضفة الغربية خلال السنوات والعقود المقبلة، استعدادا لهجوم آخر على إسرائيل.
وأشارت إيكونوميست إلى مسار آخر يقود إلى الاعتدال والتسوية، سواء فيما يتصل بكيفية حكم غزة وربما إعادة بنائها أو فيما يتصل بمستقبل العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل. (العين الإخبارية)