كشفت تقارير إسرائيلية عن تزايد أعداد الجنود المنتحرين، ومعظمهم من جنود الاحتياط، وسط تحذيرات من أن الموجة الكبرى لا تزال قادمة في الطريق، لأن العديد منهم يشكلون قنابل موقوتة لا يعلم أحد متى قد تنفجر.
موقع "شومريم" ويعني باللغة
العبرية "الحراس" ذكر أن قصص الجنود النظاميين والاحتياط الذين انتحروا عقب بدء العدوان الدموي على غزة في السابع من تشرين الأول 2023 بقيت طي الكتمان حتى يومنا هذا، لكن في أوائل كانون الثاني 2025، نشر الجيش أرقام من أسماهم "الضحايا" لعامي 2023-2024، وتشير الأرقام لزيادة في عدد حالات الانتحار، حيث انتحر 21 جنديا في عام 2024، و17 في عام 2023، وهو أعلى رقم منذ عام 2011.
وأضاف الموقع في تقرير أنَّ "البيانات تظهر أن معظم الجنود الذين انتحروا خلال العام الماضي كانوا من جنود الاحتياط، ويزعم الجيش أن العدد ليس مرتفعا، بالنظر إلى أن عدد جنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم منذ اندلاع الحرب قد تضاعف تقريبا".
ونقل عن
البروفيسور يوسي ليفي بلاز، رئيس مركز أبحاث الانتحار بمركز روبين الأكاديمي، "تحذيره من أن موجة الانتحار في صفوف الجنود قادمة، معتبرا أرقام الانتحار لـ2023-2024 ليست مرتفعة، لأن حالات الأزمات الحادة التي يمر بها الإسرائيليون تقلل منها، وفي هجوم السابع من تشرين الأول، شعروا أنهم ليسوا وحيدين، وأن هناك عدوا خارجيا أكبر من العدو الداخلي، الذي يصبح حينها أقل أهمية، ولكن عندما يعودون لرشدهم، نجد أن عددا لا بأس به منهم كجنود الاحتياط، معرضون للخطر بشكل مفرط، فشدة الصعوبات لا تخف، ويستمرون بالتعامل مع اضطرابات ما بعد الصدمة، مما يجعل الفترة الحالية أكثر خطورة على الانتحار".
واحدة من عائلات الجنود المنتحرين ذكرت أن "ابنها دأب على استحضار ما رآه يوم السابع من تشرين الأول 2023 خلال هجوم
حماس على مستوطنات غلاف غزة، ورأى بعينه أن الطريق المؤدي إلى كيبوتس ناحال عوز مسدود بجثث المستوطنين، كانت الرائحة كريهة للغاية، وقضى مع رفاقه ساعات في إزالة الجثث، مما يطرح السؤال: كيف يفترض به، بعد كل هذا، أن يعود لمنزله، ويتصرف بشكل طبيعي، خاصة وأنه كان دائم البكاء".
وأضافت أنه "بعد تنظيف مستوطنات الغلاف من المسلحين، دخل الجندي إلى غزة، وهناك أصيب في أذنه، وتم تسريحه من صفوف الاحتياط، حيث بات يعاني من انخفاض كبير في السمع بسبب الإصابة، كان كل صوت يزعجه"، وتابعت: "في أحد الأيام انفجر فجأة، وقال 'كفى صراخا! ألا تفهمون أن أذني تؤلمني؟!'، لم يكن يتحدث كثيرا عن تجاربه الصعبة في
الخدمة العسكرية، وعندما عاد من غزة، بدا عليه الاضطراب، كان يختفي كثيرا، ثم يعود فجأة، وعندما نسأله لا يفصح عن السبب، وبات يتصرف بطريقة غير مألوفة".
ومن القصص التي لاقت رواجا في الشهور الأخيرة للجندي إيليران مزراحي، الذي تصدرت قضيته عناوين الصحف بعد رفض
وزارة الحرب في البداية الاعتراف به من ضحايا الحرب بسبب انتحاره.
وفي السياق، تقول عائلته إن "الابتسامة لم تكن تفارق وجهه، لكن بعد عودته من غزة"، مشيرة إلى أنه "في الأسابيع التي سبقت انتحاره، كان يتجول باستمرار مرتديا نظارة شمسية، حتى داخل المنزل، لإخفاء الحزن في عينيه، حيث عانى من صدمة ما رآه يوم السابع من تشرين الأول داخل كيبوتسات غلاف غزة خلال حصارها من المقاومين، ثم خدم لاحقا كضابط على جرافة D9 في سلاح الهندسة لمدة 187 يوما في غزة".
وأضافت أنه "خدم في خانيونس وتل السلطان وجميع المواقع الصعبة، وأصيب في ركبته مرتين؛ في المرة الثالثة تم تسريحه من الجيش، ورغم اعترافه بأنه يعاني من أعراض ما بعد الصدمة، لكنه تلقى أمراً احتياطياً آخر للجيش، مما دفعه قبل يومين من الموعد المفترض لدخوله غزة مرة أخرى، للإقدام على الانتحار، مما جعل قضيته حديث الإسرائيليين لأيام طويلة، لأنه بات معروفا عن معاناته من صعوبات نفسية، وبدأ العلاج النفسي". (عربي21)