واستجابة لتلك الأحداث، أصدر
وزير الدفاع بيت هيجسيث، الاثنين، أمراً بتعبئة 700 عنصر من مشاة البحرية (المارينز)، في خطوة تهدف إلى دعم جهود الحكومة في التعامل مع الموقف.
وفي تطور لافت، رفعت ولاية كاليفورنيا، دعوى قضائية ضد إدارة ترمب، طالبته فيها بوقف ما وصفته بـ"النشر غير القانوني" للقوات في مدينة لوس أنجلوس، واستعادة السيطرة على الحرس الوطني داخل الولاية بواسطة حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم.
ما الأساس القانوني الذي استند إليه ترمب لتبرير نشر القوات؟
استند ترمب في قراره الصادر بتاريخ 7 حزيران الجاري، إلى الباب العاشر من القانون الأميركي، وتحديداً إلى المادة الرقم (12406)، المعروفة بقانون "مكافحة الشغب".
ويُعد هذا الباب من التشريعات الفيدرالية التي تُحدد دور القوات المسلحة الأميركية، بما فيها الحرس الوطني، في حالات الطوارئ الوطنية أو الاضطرابات المدنية.
وتنُص المادة (12406) على أنه يحق للرئيس الأميركي نشر وحدات الحرس الوطني في الخدمة الفيدرالية في ثلاث حالات: إذا تعرضت
الولايات المتحدة لغزو، أو في حالة حدوث تمرد أو خطر تمرد، أو عندما يتعذر على الرئيس تنفيذ القوانين الفيدرالية باستخدام القوات النظامية وحدها.
ما المسموح لقوات الحرس الوطني؟
رغم استدعاء قوات الحرس الوطني، فإن دورها يظل محدوداً بموجب قانون "بوسيه كوماتيتوس" (Posse Comitatus) الصادر عام 1878، والذي يحظر على الجيش الأميركي، بما في ذلك قوات الحرس الوطني حين تكون في الخدمة الفيدرالية، المشاركة في تنفيذ القوانين المدنية.
ولا تبطل المادة (12406) التي استند إليها ترمب هذا الحظر المفروض على تنفيذ القوانين المدنية، لكنها تسمح للقوات بحماية العملاء الفيدراليين أثناء قيامهم بمهام إنفاذ القانون، بالإضافة إلى حماية الممتلكات الفيدرالية.
على سبيل المثال، لا تملك قوات الحرس الوطني صلاحية اعتقال المتظاهرين، لكن يمكنها حماية عناصر إدارة الهجرة والجمارك الأميركية ICE أثناء تنفيذ عمليات الاعتقال.
ماذا تتضمن الدعوى القضائية التي قدمتها كاليفورنيا؟
تؤكد ولاية كاليفورنيا في دعواها أن نشر قوات الحرس الوطني دون موافقة حاكم الولاية يُعد "انتهاكاً للقانون الفيدرالي وللتعديل العاشر في دستور الولايات المتحدة"، والذي يحمي حقوق الولايات.
وتُجادل الولاية بأن نشر قوات الحرس الوطني لا يفي بأي من الشروط المنصوص عليها في الباب العاشر، وذلك لعدم وجود "تمرد" أو "غزو"، أو أي وضع يعيق إنفاذ القوانين الفيدرالية داخل الولاية بالشكل الذي يستوجب تدخّل القوات المسلحة.
كما أشارت الدعوى إلى أن ترمب لم يتشاور مع الحاكم نيوسوم قبل نشر الحرس الوطني، وهو ما يعد انتهاكاً للمادة (12406) التي تنُص على أن أوامر استدعاء الحرس الوطني يجب أن تصدر من خلال حُكَّام الولايات، بحسب ما ورد في الدعوى.
ما الذي تطالب به كاليفورنيا؟
تسعى الولاية إلى الحصول على حُكم قضائي يقر بعدم قانونية القرار الرئاسي، بالإضافة إلى إصدار أمر قضائي يمنع تنفيذه.
كيف يمكن للمحكمة أن تنظر إلى هذا النزاع؟
لا توجد سوابق كثيرة لمثل هذا النزاع، إذ أن المادة (12406) لم تُفعّل سوى مرة واحدة فقط، وذلك في عام 1970، عندما استدعى الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون، الحرس الوطني للمساعدة في تسليم البريد خلال إضراب عام لخدمة البريد، بحسب
المدعي العام لولاية كاليفورنيا، روب بونتا.
وشكك 5 خبراء قانونيين من منظمات حقوقية ذات توجهات مختلفة في شرعية استخدام ترمب للباب العاشر من القانون الأميركي في سياق الاحتجاجات الأخيرة، واعتبروا تصرفه "تحريضياً ومتهوراً"، لا سيما في غياب التنسيق مع الحاكم نيوسوم.
كما أكد الخبراء أن الاحتجاجات في كاليفورنيا لا ترقى إلى مستوى "التمرد"، ولا تمنع الحكومة الفيدرالية من تنفيذ القوانين الأميركية.
وانقسمت آراء الخبراء القانونيين بشأن ما إذا كانت المحكمة ستؤيد تفسير نيوسوم لدور الحاكم بموجب المادة (12406)، فمن ناحية، تميل المحاكم إلى إعطاء أهمية كبيرة لكلمة "يجب" عند تفسير القوانين، ما يدعم موقف نيوسوم بضرورة إشراك حكَّام الولايات في استدعاء الحرس الوطني، لكن خبراء آخرين أشاروا إلى أن صياغة القانون تعكس الأعراف السائدة بشأن كيفية نشر الحرس الوطني، أكثر مما تمنح الحاكم خياراً بعدم الامتثال لقرار الرئيس.
ما القوانين التي يمكن أن يستند إليها ترامب؟
بإمكان ترمب اتخاذ خطوة أكثر تطرفاً من خلال تفعيل "قانون التمرد" الصادر عام 1792، والذي يسمح بمشاركة القوات المسلحة في إنفاذ القانون المدني بشكل مباشر، وهو إجراء نادر الاستخدام في التاريخ الأميركي الحديث.
وقد استخدم عدد من كبار مسؤولي
البيت الأبيض، من بينهم
نائب الرئيس جي دي
فانس والمستشار البارز ستيفن ميلر، مصطلح "التمرد" عند مناقشة الاحتجاجات، إلا أن الإدارة لم تفعّل هذا القانون حتى الآن.
وكان رؤساء أميركيون سابقون قد لجأوا إلى استخدام "قانون التمرد" لنشر القوات داخل الولايات المتحدة خلال بعض الأزمات، مثل "تمرد الويسكي" عام 1794، وعند مواجهة أنشطة جماعة "كو كلوكس كلان" بعد
الحرب الأهلية.
وكانت آخر مرة فُعّل فيها "قانون التمرد" في عام 1992 خلال عهد الرئيس
جورج بوش الأب، عندما طلب حاكم كاليفورنيا حينها دعماً عسكرياً للسيطرة على الاضطرابات في لوس أنجلوس عقب محاكمة عناصر من الشرطة بتهمة الاعتداء على مواطن من أصول إفريقية يدعى رودني كينج.
أما آخر مرة نشر فيها رئيس أميركي قوات الحرس الوطني في ولاية دون طلب من حاكمها فكانت في عام 1965، حين أرسل الرئيس ليندون جونسون، قوات لحماية متظاهري الحقوق المدنية في مدينة مونتجمري بولاية ألاباما.
ما هو وضع قوات المارينز؟
يتمتع ترمب بسُلطة مباشرة على قوات مشاة البحرية أكثر من الحرس الوطني، وذلك بموجب الباب العاشر من القانون الأميركي، وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب
الدستور، وفقاً للخبراء القانونيين.
لكن ما لم يُفعّل الرئيس الأميركي قانون التمرد، فإن قوات المارينز ستظل خاضعة للقيود القانونية التي تمنعها من المشاركة في "أي عمليات تفتيش أو ضبط أو اعتقال أو أي نشاط مماثل".
وبحسب ما أعلنته
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، فإن قوات المارينز مستعدة لدعم جهود الحرس الوطني في حماية الموظفين الفيدراليين والممتلكات الفيدرالية في مدينة لوس أنجلوس، مع تأكيدها على أن دورهم سيكون محدوداً نسبياً في الوقت الراهن.