تحدث خبيران معنيان بالشأنين الدولي والإسرائيلي عن وجود تعقيدات على صعيد مفاوضات الملف النووي الإيراني، وأكدا أن إيران متمسكة بشروطها وأساسها رفض وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها.
وحالياً، تتجهُ الأنظار إلى العاصمة العُمانية مسقط حيث تُعقد الجولة السادسة من المحادثات غير المباشرة بين
واشنطن وطهران، فيما أعلنت الخارجية
الإيرانية تمسكها بموقفها الرافض لأي نقاش حول وقف تخصيب اليورانيوم، دون أن تغلق الباب أمام الاستماع للأفكار المطروحة.
"فرصة مهمة"
وترى أستاذة العلاقات الدولية بجامعة كامبريدج روكسان فارمان فارمايان أن طهران رغم لهجتها الصلبة، تدرك أن الاتفاق النووي لا يزال فرصة مهمة تصب في مصلحتها الإستراتيجية، وقد يجنبها مخاطر أكبر على المدى القريب، بينها خطر اندلاع حرب إقليمية.
وتعتقد فارمايان أن الوصول إلى اتفاق قد يؤدي إلى وقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، كما يمكن أن يمنع أي تدخل عسكري أميركي محتمل، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد الإيراني وتوسيع حضور طهران السياسي في الإقليم، خاصة في منطقة الخليج.
ورغم إقرارها بأن الموقف الإيراني يبدو صلباً، تشير الخبيرة الدولية إلى إمكانية وجود مرونة تكتيكية، لا سيما أن إيران استخدمت اليورانيوم الروسي في محطة بوشهر، ويمكن أن تتقبل مقترح تخصيب اليورانيوم خارج أراضيها، إذا ضمنت الحفاظ على ماء وجهها أمام الداخل الإيراني.
ويرى جبارين أن هذه ليست المرة الأولى التي تلوّح فيها
إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وهي ورقة سبق أن استُخدمت لتقوية الموقف الأميركي التفاوضي، دون أن تحظى بضوء أخضر فعلي من واشنطن.
ويتحدث جبارين عن تصدع غير مسبوق في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، لا سيما منذ حرب
العراق، واصفا الخلاف الحالي بأنه "الأعمق منذ عقدين"، ويرتبط مباشرة بثلاثة ملفات شائكة: المشروع النووي الإيراني، وحرب غزة، والترتيبات الأمنية في الإقليم.
وفي خضم هذه الخلافات، شدد جبارين على أن إيران ما زالت تشكّل العقدة الأكبر لنتنياهو، الذي يسعى إلى استثمار هذا الملف لاستعادة زخمه السياسي محليا، في ظل أزمة داخلية تعصف بحكومته على خلفية ملف التجنيد والانتخابات المحتملة.
إلى ذلك، ترى فارمايان أن إيران قد تكون مخطئة في رهانها على خلق شقاق بين واشنطن وتل أبيب، معتبرة أن اللعب على هذا التوازن الدقيق يعقّد مهمة الرئيس الأميركي
دونالد ترامب، الذي يسعى إلى تهدئة الجبهات وتفادي حرب مفتوحة.
وتلفت فارمايان إلى أن إيران مطالبة بخفض مستوى التخصيب جزئيا إن أرادت إبقاء المفاوضات حية، خاصة أن
ترامب يفاوض على أكثر من جبهة، ويحتاج إلى تنازلات من الطرفين لتثبيت إستراتيجيته القائمة على الاحتواء.
ماذا عن تخصيب اليورانيوم؟
وبشأن "الخطوط الحمراء" الإيرانية، خاصة في ما يتعلق بالتخصيب، تتوقع فارمايان أن يُطرح مقابلها عرض يتيح لإيران الحفاظ على نشاط محدود مقابل انفتاح أكبر على التفتيش الدولي، خصوصا في ظل ضغوط وكالة الطاقة الذرية التي قد تُصدر قريبا قرارا ضد طهران.
وترى الخبيرة الدولية أن لدى إيران فرصة لإظهار شفافية جديدة في التعامل مع الملف النووي، عبر طرح مقترح يفتح المجال لجولة جديدة في مسقط، قد تُبنى على تفاهمات تشمل التخصيب وآليات التفتيش، وهو ما قد يمنح المفاوضات دفعة قوية.
أيضاً، توضح فارمايان أن احتمالية ضرب إيران من قِبل إسرائيل تبقى محدودة، طالما أن واشنطن ترفض ذلك صراحة، وتعمل على توجيه الملف نحو تسوية دبلوماسية، مشيرة إلى أن ترامب حريص على تحقيق إنجاز تفاوضي، بعد تعثره في ملفات
أوكرانيا وغزة.
(الجزيرة نت)