ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أنه "إذا كان هناك أي شيء يمكن أن نتعلمه من الصراع المستمر في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات ونصف السنة ، فهو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحقق أبدا النصر الذي يسعى إليه بشدة. وبعيدا عن الاستيلاء على كييف، والإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا بقيادة فولوديمير زيلينسكي وإخضاع أوكرانيا لحكم الكرملين، يجد الزعيم الروسي نفسه عالقا في حرب استنزاف طاحنة ليس لديه أي فرصة للفوز بها".
وبحسب الصحيفة، "لقد كان عجز القوات الروسية عن تحقيق اختراق حاسم في ساحة المعركة واضحا جدا خلال هجومها الصيفي الأخير، حيث حققت مكاسب إقليمية هامشية في حين تكبدت خسائر فادحة تصل إلى نحو ألف ضحية في ساحة المعركة يوميا. وقد تم الكشف عن إخفاقات الجيش الروسي بشكل وحشي مؤخرا أثناء هجومه على منطقة سومي ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تقع على بعد حوالي 200 ميل شمال شرق كييف. وتشير أحدث التقارير الاستخباراتية الأوكرانية إلى أن الروس خسروا ما لا يقل عن 334 جنديًا وجرح 550 آخرين عندما تعرضوا لهجوم مستمر من القوات الخاصة الأوكرانية. وبالإضافة إلى الضغوط التي فرضها الصراع
الطويل الأمد على الاقتصاد الروسي، الذي يتأرجح الآن على شفا الركود، فمن الواضح أن بوتين ليس في وضع يسمح له برفض أحدث مبادرة دبلوماسية للرئيس الأميركي
دونالد ترامب لإنهاء الصراع".
وتابعت الصحيفة، "قبل الاجتماع في موسكو بين بوتين وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، كان البيت الأبيض قد ألقى بالفعل تلميحات قوية بأنه يستعد لتطبيق عقوبات قاسية ضد أي دولة تستمر في التجارة مع موسكو. ومن شأن هذه الخطوة أن تفرض صعوبات أكبر على الاقتصاد الروسي، وبالتالي الحد من قدرة بوتين على مواصلة الحملة العسكرية في أوكرانيا. ويبدو أن التهديد لفت انتباه الكرملين، حيث أشار المسؤولون إلى أنهم قد يكونون على استعداد للنظر في وقف إطلاق النار في الحرب الجوية لتجنب العقوبات. إن مدى جدية بوتين في قبول أي اتفاق يحد من أهداف حربه في أوكرانيا أمر مشكوك فيه بالنظر إلى سلوكه في الماضي، حيث جعل
ترامب يعتقد أنه سيقبل وقف إطلاق النار، فقط ليتراجع أخيراً عن الاتفاق. ولذلك ينبغي لترامب أن يتعامل مع تقرير ويتكوف عن اجتماعه مع بوتين بقدر من الشك، على الرغم من مزاعم مسؤولي الكرملين بأن اجتماعهما كان "مفيدا وبناء" وأن الجانبين تبادلا "الإشارات" بشأن القضية الأوكرانية".
وأضافت الصحيفة، "لا يتمتع ويتكوف بسجل حافل من التعاملات السابقة مع بوتين، إذ وصفه بأنه "فائق الذكاء" ومستعدٌّ للتفكير جديًا في التخلي عن الأراضي التي ضمتها موسكو بالفعل في شرق أوكرانيا. في الواقع، إن أية تنازلات من جانب بوتين ستكون ردا كاملا على قرار ترامب بتقديم مهلة إنهاء الأعمال العدائية إلى يوم الجمعة. وإذا كان ترامب جادًا حقًا في إنهاء الصراع، فمن المهم ألا يرفض فحسب قبول أي مبادرة سلام من الكرملين تُمكّن الروس من مواصلة حملتهم للسيطرة على أوكرانيا بوسائل أخرى، فمجرد أن يعرض الروس وقف إطلاق النار في الحرب الجوية لا يعني أنهم يُنهون هجومهم البري".
وبحسب الصحيفة، "يتعين على ترامب أن يفهم أن
الولايات المتحدة لديها خيارات أكثر بكثير من مجرد التهديد بتوسيع نظام العقوبات ضد موسكو. إن فرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الدول التي تستمر في شراء النفط والغاز الطبيعي واليورانيوم الروسي، وهو أحد الإجراءات التي يدرسها قانون فرض العقوبات على
روسيا في الكونغرس، من شأنه أن يضرب الاقتصاد الروسي بشدة. وأبدى ترامب استعداده لتطبيق هذا الإجراء من خلال رفع الرسوم الجمركية إلى 50 بالمئة على الهند لمواصلة شراء النفط الروسي. وبالتوازي مع زيادة التعريفات الجمركية، قد تخفف
واشنطن أيضا القيود المفروضة على تزويد أوكرانيا بالصواريخ البعيدة المدى وغيرها من الأسلحة المتطورة التي يمكن أن تحدث فرقا ملموسا في ساحة المعركة".
وتابعت الصحيفة، "لقد أثبت الجيش
الإسرائيلي بالفعل كيف يمكن للضربات الصاروخية الموجهة بعناية ضد المنشآت النووية
الإيرانية أن تلغي التهديد الذي يشكله خصم أكبر بكثير من حيث عدد السكان والجغرافيا. هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن الجيش الأوكراني، الذي استخدم بمهارة موارده العسكرية الأصغر بكثير لتحقيق تأثير كبير في حربه مع روسيا، يمكن أن يحقق نتيجة مماثلة إذا تم إقناع ترامب بتخفيف القيود التي تفرضها واشنطن على تسليم الذخائر المتطورة إلى كييف. إن إزالة القيود المفروضة على استخدام الصواريخ البعيدة المدى، على سبيل المثال، والسماح للأوكرانيين باستهداف مواقع عسكرية رئيسية داخل روسيا، من شأنه أن يخلف التأثير المدمر عينه على قدرة روسيا على الحفاظ على الأعمال العدائية كما كان الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي
الإيراني".
وختمت الصحيفة، "لو اختار ترامب مزيجا من العقوبات الصارمة وتعزيز الإمدادات العسكرية لأوكرانيا، فلن يكون أمام بوتين خيار سوى إنهاء حملته العسكرية الكارثية في أوكرانيا".