شهدت
إسرائيل، السبت، إضرابًا واسعًا شل سوق العمل وعطل معظم المرافق، بعدما امتنع أكثر من مليون شخص عن التوجه إلى أعمالهم، في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في غزة.
قاد الإضراب "منتدى عائلات الأسرى" بمشاركة أسرى محررين، نقابات مهنية، سلطات محلية، وحركات احتجاجية، إلى جانب أحزاب من
المعارضة.
تركزت المطالب على وقف الحرب ضد غزة، والدخول في مفاوضات تفضي إلى اتفاق تبادل أسرى يعيد جميع الرهائن الإسرائيليين، باعتباره "الخيار الوحيد لإنقاذ حياتهم".
ويرى مراقبون أن الإضراب لم يكن حدثا احتجاجيا عابرا، بل محطة كاشفة لعمق الأزمة الداخلية، فقد جمع بين الضغط الاقتصادي والرسالة السياسية المباشرة والحراك الشعبي واسع النطاق.
ففي "ساحة الرهائن" بتل أبيب ألقيت خطابات وأقيمت لقاءات مع ناجين وأسر ضحايا، إلى جانب عروض رمزية للتذكير بمأساة الرهائن، كما قطع متظاهرون شوارع رئيسية مما شل حركة المرور في بعض المناطق.
وقال المحلل السياسي في القناة 13
الإسرائيلية، رافيد دروكر، إن الهدف كان واضحا: الضغط على حكومة
نتنياهو لوقف الحرب والتوجه إلى مفاوضات صفقة تبادل. لكنه أضاف أن الحكومة أبدت تعنتا واختارت مواصلة القتال والمضي نحو احتلال غزة، مما عمق أزمة الثقة الداخلية.
وأشار دروكر إلى أن الإضراب كشف أن المجتمع
الإسرائيلي لم يعد صامتا، وأن حكومة نتنياهو تواجه أزمة سياسية داخلية تهدد استقرارها وبقاءها.
وقال "المعضلة أمام نتنياهو واضحة: هل يرضخ لمطالب الشارع، أم يواصل الرهان على الحرب ولو على حساب الشرخ الداخلي وعزلة إسرائيل دوليا؟".
ويرى المحلل السياسي في صحيفة "
معاريف" بن كسبيت أن الإضراب كشف تحولا جوهريا في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث لم تعد عائلات الأسرى مجرد طرف إنساني، بل تحولت إلى قوة سياسية واجتماعية فاعلة.
وأضاف أن هذه العائلات نجحت في تحويل معاناتها إلى قضية وطنية تتردد أصداؤها في كل بيت، وأن الشارع الإسرائيلي بات أكثر اقتناعا بأن الحل يكمن في التفاوض وإبرام صفقة تبادل، ومع ذلك، يواصل نتنياهو تمسكه بخيار الحرب الطويلة واحتلال غزة، مستندا إلى الخطاب الأمني كوسيلة للبقاء في السلطة.
ويرى مراقبون أن هذا الإضراب يضع إسرائيل أمام مفترق طرق حاسم، إما أن تستجيب الحكومة لنبض المجتمع وتعطي أولوية لحياة الرهائن ومستقبل الاستقرار، وإما أن تواصل طريق الحرب، الذي لن يجلب سوى المزيد من الدماء والانقسام الداخلي والخسائر الاقتصادية والسياسية. (الجزيرة)