أدت الرسوم الجمركية التي فرضها
الاتحاد الأوروبي على واردات الأسمدة الروسية، ابتداءً من
تموز الماضي، إلى إرباك واسع في أوساط المزارعين
الأوروبيين، الذين يواجهون أصلاً تحديات مرتبطة بارتفاع تكاليف الطاقة والقيود البيئية وأسعار الحبوب المنخفضة.
وتهدف هذه الرسوم، وفق الاتحاد
الأوروبي، إلى تقليص الاعتماد على
روسيا في مجال الأسمدة والحد من تمويل حربها في
أوكرانيا. لكن مزارعين وشركات حبوب أكدوا أن التداعيات انعكست عليهم مباشرة عبر ارتفاع التكاليف، ما يهدد بانعكاس إضافي على أسعار المستهلكين في القارة.
وقال سيدريك بونوست، نائب
الأمين العام لاتحاد مزارعي القمح الفرنسي ورئيس لجنة الحبوب في رابطة المزارعين الأوروبيين (Copa Cogeca): "نحن نطلق النار على أقدامنا"، مشيراً إلى أن المزارعين يضطرون الآن لدفع أسعار عالمية أعلى للأسمدة، في وقت تراجعت فيه أسعار القمح إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، مما يجعل الوضع "غير مستدام إطلاقاً".
وبحسب بيانات البنك الدولي، ارتفع متوسط سعر سماد اليوريا – القائم على النيتروجين – بنسبة 26.5% ليصل إلى 496 دولاراً للطن بين أيار وتموز الماضيين، متأثراً بالرسوم الجديدة التي بدأت عند 40 يورو للطن ومن المقرر أن تصل تدريجياً إلى 315 يورو بحلول عام 2028. كما ارتفع سعر الفوسفات ثنائي الأمونيوم (DAP) إلى 736 دولاراً للطن في تموز، بزيادة 10% منذ أيار.
وتعد روسيا أكبر مصدر للأسمدة في العالم بنسبة تتجاوز 20% من الإنتاج العالمي، وتوفر نحو ربع واردات الاتحاد الأوروبي. ورغم أن
العقوبات الغربية لم تستهدف الأسمدة مباشرة منذ غزو أوكرانيا، فإن الرسوم الجمركية الأوروبية بدأت تدفع الأسواق للبحث عن بدائل مثل كندا، بأسعار أعلى.
وأعربت شركات أوروبية عن قلقها، إذ حذرت المحللة المستقلة سواتي كوشواها من أن التردد في شراء الأسمدة الروسية رفع أسعار الموردين الأوروبيين، بينما أكد مزارعون أن كثيرين منهم يؤجلون الشراء
على أمل انخفاض الأسعار.
من جهتها، قالت شركة "يارا إنترناشونال" النرويجية إن واردات الاتحاد الأوروبي من الأسمدة الروسية ارتفعت منذ 2022 تحسباً للرسوم، مشيرة إلى أن الإجراءات الأوروبية تهدف إلى خلق منافسة عادلة لمنتجي الأسمدة المحليين وضمان مرونة طويلة الأجل.
في المقابل، أكد دميتري تاتيانين، رئيس شركة "أورالكيم" الروسية، أن بلاده ستعيد توجيه صادراتها إلى أسواق مثل البرازيل والهند والولايات المتحدة إذا أُغلقت الأسواق الأوروبية أمامها. فيما اعتبر الملياردير الروسي دميتري مازيبين أن الرسوم الأوروبية سترفع الأسعار في نهاية المطاف على المزارعين الأوروبيين أنفسهم، بسبب طول مسافة الشحن وارتفاع تكاليف التوزيع.
ويؤكد مراقبون أن تقييم الأثر الكامل للرسوم يحتاج إلى وقت، لكن استمرارها قد يشعل أزمة أسعار جديدة في قطاع الزراعة الأوروبي، في وقت يعاني فيه المنتجون من احتجاجات واسعة ضد السياسات الزراعية والقيود البيئية المفروضة عليهم منذ العام الماضي.