شهدت مجموعة "تشاينا إيفرغراند" العقارية، التي كانت في يوم ما أكبر مطور عقاري خاص في
الصين، سقوطاً مدوياً
بعد سنوات من التوسع المفرط بالديون، انتهى بشطب أسهمها من بورصة
هونغ كونغ هذا الأسبوع، في واحدة من أكبر حالات الانهيار من حيث القيمة السوقية في تاريخ الأسواق الآسيوية.
فقد طرحت الشركة أسهمها عام 2009 بقيمة سوقية بلغت 9 مليارات دولار، قبل أن ترتفع إلى ذروة 51 مليار دولار بعد ثمانية أعوام فقط. لكنها فقدت لاحقاً معظم قيمتها لتصل اليوم إلى نحو 282 مليون دولار، بعدما أثقلتها ديون تتجاوز 300 مليار دولار.
وتوقفت تداولات سهم "إيفرغراند" منذ كانون الثاني الماضي، حين أصدرت محكمة هونغ كونغ أمراً بتصفيتها بعد فشلها في التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديونها. وفي آخر جلسة تداول قبل 19 شهراً، كان سعر السهم قد هبط إلى 0.163 دولار هونغ كونغ، مقارنة بذروته البالغة 31.39 دولار هونغ كونغ.
ويمثل شطب "إيفرغراند" فصلاً جديداً في أزمة العقارات غير المسبوقة التي تعصف بالصين منذ عام 2021، والتي ما زالت مستمرة مع مطورين آخرين يواجهون مصيراً مشابهاً، بينهم "تشاينا ساوث سيتي" التي صدر بحقها أمر تصفية مؤخراً رغم دعمها الحكومي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن انهيار "إيفرغراند" يعكس نهاية "العصر الذهبي للعقارات
الصينية"، إذ قال غاري نغ، كبير الاقتصاديين في بنك "ناتيكسيس": إن الشطب "رمزي بدرجة كبيرة لكنه يوضح انهيار نموذج التوسع القائم على الديون".
ورغم محاولات الحكومة الصينية إنعاش القطاع، الذي كان يمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي، فإن الأزمة أثرت على ثقة المستهلكين والمستثمرين، في وقت لا يزال فيه ملايين المشترين ينتظرون استلام منازلهم غير المكتملة، فيما يأمل الدائنون استعادة أموالهم.
عملية التصفية، وفق خبراء قانونيين، قد تستمر عقداً كاملاً، مع توقعات بمعدل استرداد ضعيف جداً، إذ لم يتمكن المصفيون حتى الآن سوى من جمع 255 مليون دولار من بيع أصول خارجية مقابل ديون تتجاوز 45 مليار دولار.
ويرتبط الانهيار أيضاً بمسيرة مؤسس الشركة، هوي كا يان، الذي انتقل من خلفية متواضعة في قرية ريفية إلى أحد أغنى رجال الصين، قبل أن يُمنع من
الأسواق المالية مدى الحياة ويُغرم 47 مليون يوان بتهم الاحتيال والتلاعب بالنتائج. ومنذ توقيفه عام 2023، لم يظهر هوي علناً، فيما تلاحقه
القضايا المتعلقة بأصوله في الخارج.
ويرى محللون أن سقوط "إيفرغراند" لا يمثل نهاية أزمة العقارات في الصين، بل قد يكون بداية سلسلة من الانهيارات الأخرى، مع بقاء القطاع تحت ضغوط السيولة وضعف الطلب، في وقت تسعى فيه
بكين إلى إعادة الاستقرار عبر إجراءات دعم متكررة لم تنجح حتى الآن في إعادة الثقة إلى السوق.