تلقت سياسات الرئيس الأميركي
دونالد ترامب صفعة قوية يوم الجمعة الماضي، مع إقرار محكمة الاستئناف الفيدرالية بأن العديد من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها "غير قانونية". ويشكّل هذا الحكم، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، انتكاسة كبيرة لأجندة
ترامب، إذ يقوّض بشدة أحد أهم مصادر نفوذه في الحرب التجارية العالمية.
الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف أيّد قراراً أولياً لمحكمة أدنى درجة في مايو الماضي، يقضي بأن ترامب لا يتمتع بسلطة مطلقة لفرض ضرائب على الواردات، لكنه أجّل تنفيذ القرار حتى منتصف أكتوبر، مانحاً الإدارة الأميركية فرصة استئناف القضية أمام المحكمة العليا.
ويثير هذا الحكم تساؤلات جدّية حول الأساس القانوني لاستراتيجية ترامب التجارية، التي اعتمدت على "قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية" الصادر في السبعينيات، وهو قانون كان يُستخدم عادةً لفرض عقوبات على دول أخرى، لكن ترامب وظّفه لفرض تعريفات شاملة بهدف الضغط وإبرام صفقات مواتية.
قبل صدور الحكم بساعات، عبّر كبار مستشاري ترامب الاقتصاديين عن قلقهم من تأثير القرار على اتفاقيات تجارية قائمة، أبرزها الاتفاق مع
الاتحاد الأوروبي الذي تجنّب ضرائب أميركية أعلى عبر تنازلات متبادلة. وبعد صدور القرار، هاجم ترامب المحكمة في منشورات عبر "تروث سوشيال"، واعتبر الحكم "انحيازاً خطيراً"، محذراً من أنه إذا بقي القرار سارياً فسيدمّر
الولايات المتحدة حرفياً، مؤكداً أن إدارته ستستأنفه أمام المحكمة العليا.
ويرى خبراء أن هذا الحكم يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة. خبير أسواق المال محمد سعيد اعتبره "تطوراً بالغ الأهمية"، موضحاً أن الرئيس تجاوز صلاحياته الدستورية التي تعود حصراً للكونغرس في ما يتعلق بفرض الرسوم. وأشار إلى أن إلغاء التعريفات قد يربك الأسواق، ويؤدي إلى ضبابية في المفاوضات التجارية، مع احتمال ضغوط تضخمية نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد.
صحيفة "فايننشال تايمز" بدورها وصفت القرار بـ"الضربة القوية"، إذ إنه يهدّد واحدة من ركائز سياسات ترامب الاقتصادية، وقد يعقّد صفقات تجارية تفاوضت عليها الولايات المتحدة مع دول عديدة. فيما رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنيل، إسوار براساد، أن الحكم "يضع حاجزاً كبيراً أمام قدرة ترامب على فرض رسوم واسعة النطاق، ويضيف جرعة هائلة من عدم اليقين إلى المشهد التجاري العالمي".
أما جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، فقال إن وجود ترامب دائماً ما يقترن بقدر من "عدم الاستقرار"، مؤكداً أن أي تعديل أو إلغاء للرسوم ستكون له انعكاسات واسعة على السياسة والاقتصاد في الولايات المتحدة، وعلى الأسواق العالمية التي تترقب بقلق نتيجة النزاع القضائي.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى القرار النهائي بيد المحكمة العليا، ما يجعل الأسواق في حالة ترقب مستمرة، وسط غموض قد يرسم ملامح جديدة للتجارة الدولية ولعلاقة السلطة التنفيذية بالكونغرس في الولايات المتحدة لسنوات مقبلة.