قبيل منتصف ليل الأحد الماضي، أيقظ زلزال قوي بلغت قوته 6.0 درجات شرق
أفغانستان سكان الوديان الجبلية، تاركًا وراءه كارثة إنسانية جديدة في بلد أنهكته الحروب والكوارث الطبيعية.
الدكتور عبد المتين ساهاك،
رئيس مكتب الطوارئ المحلي في
منظمة الصحة العالمية، فقد وعيه للحظات مع الهزة الأولى، ثم نهض مع أسرته ليبدأ سباقًا جديدًا ضد الموت. يقول: "فكرت فورًا في هرات، وعرفت أن التأثير هذه المرة سيكون هائلًا أيضًا".
منذ اللحظة الأولى، تحولت مجموعات "
واتساب" الطبية إلى غرف عمليات طارئة، والتقارير المتدفقة من ولاية كونار كانت مخيفة: مئات الإصابات، منازل طينية منهارة، وعائلات بأكملها دُفنت تحت الأنقاض.
في غضون ساعات، نسّق ساهاك مع فرق محلية ودولية لإرسال 23 طنًا من الأدوية عبر الجو إلى منطقة نورجال، مركز الزلزال، قبل أن تتدهور الأوضاع أكثر مع هطول الأمطار الموسمية التي شلت الطرق وعطلت حركة الإسعاف.
لكن حجم الدمار تجاوز كل التوقعات: 2200 قتيل، 3640 جريحًا، و6700 منزل مدمّر بعد خمسة أيام فقط. يقول ساهاك: "رأينا جثثًا في الشوارع، وناجين يصرخون بحثًا عن أطفالهم. رجل
ستيني فقد 22 من أفراد أسرته الثلاثين. لم أستطع النظر في عينيه".
ورغم قيود
طالبان على عمل النساء، شكّل الزلزال لحظة استثنائية لكسر الحواجز؛ إذ التحقت طبيبات وقابلات بفرق الإنقاذ، في بلد يعاني أصلاً من نزيف الكوادر الطبية المؤهلة.
في دفتره، سجّل ساهاك أرقامًا تعكس حجم المهمة: 46 طنًا من الإمدادات الطبية، 15 ألف عبوة سوائل وريدية، و800 مريض حُوّلوا إلى مستشفيات
جلال آباد وأسد آباد.
لكن الأرقام لم تحجب قصص الألم. من بينها امرأة مصابة بكسور وصدمة في الرأس لم تكفّ عن ترديد: "أين طفلي؟"، قبل أن يتضح أنها فقدت كل عائلتها. أو ناجيتان جلستا تحت شمس حارقة بعدما فقدتا 13 فردًا من أسرتهما دفعة واحدة.
بالنسبة لساهاك، لم يعد هناك مجال للتردد. رغم توسلات والدته العجوز أن يتوقف عن الذهاب إلى المناطق المنكوبة، كان جوابه: "من فضلك اذهب هناك وادعم الناس" — وصوتها هذه المرة لم يكن اعتراضًا بل إقرارًا بواجب لا مفر منه. (UN)