في مراسم مهيبة غلبت عليها الطقوس الإمبراطورية العريقة، احتفل القصر الإمبراطوري في طوكيو الأسبوع الماضي ببلوغ الأمير هيساهيتو، نجل ولي العهد الأمير أكيشينو، سن الرشد. إلا أن المناسبة التي حملت رمزية خاصة داخل أقدم سلالة ملكية في العالم أعادت معها إلى الواجهة أزمة الخلافة الإمبراطورية التي باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
الأمير هيساهيتو (19 عاماً) هو الابن الوحيد لولي العهد، والثاني في خط الخلافة بعد والده، ما يجعله المرشح الأوفر لاعتلاء العرش في
المستقبل. غير أن المشكلة تكمن في غياب أي وريث ذكر من بعده، وهو ما يثير أسئلة مصيرية حول مصير قاعدة الوراثة الذكورية التي أقرّها قانون البيت الإمبراطوري عام 1947، والمستندة بدورها إلى
الدستور الإمبراطوري لعام 1889.
الإمبراطور الحالي ناروهيتو لا يملك سوى ابنة واحدة، الأميرة آيكو، التي تحظى بشعبية واسعة بين اليابانيين، لكن القوانين تحرمها من وراثة العرش. بذلك، يبقى مستقبل المؤسسة الإمبراطورية محصوراً في ثلاثة أسماء فقط: الإمبراطور، ولي العهد، وهيساهيتو.
تاريخياً، جلست ثماني إمبراطورات على العرش، آخرهن في القرن الثامن عشر، لكن أياً منهن لم تترك وريثاً. ورغم محاولات الإصلاح التي طرحت في مطلع الألفية، ومنها مقترحات عام 2005 بالسماح بتولي النساء الحكم، فإن ولادة هيساهيتو عام 2006 جمّدت أي تحرك بهذا الاتجاه، بدفع من المحافظين القوميين.
الجدل عاد مؤخراً مع تزايد هشاشة النظام الحالي في بلد يعاني تراجع المواليد وتسارع الشيخوخة.
لجنة حكومية أوصت عام 2022 بالإبقاء على الوراثة الذكورية مع مقترحات بديلة، مثل السماح للأميرات بالاحتفاظ بمكانتهن بعد الزواج أو تبنّي أحفاد من عائلات ملكية منقرضة، لكن الخلافات السياسية عطّلت أي خطوة عملية.
الاحتفالات بسن الرشد لم تخلُ من رسائل سياسية: فقد ارتدى هيساهيتو الزي التقليدي وتوج بـ"كانموري" الأسود، قبل أن يقدم الصلوات في أضرحة القصر، ويتسلم وسام الأقحوان الأعلى، أرفع وسام ياباني. ومن المقرر أن يواصل جولاته الرمزية بزيارات دينية وتاريخية تعزز صورته كوريث منتظر.
لكن خلف هذه الطقوس، يظل السؤال قائماً: هل تُقدِم
اليابان على كسر تقليد الوراثة الذكورية الصارم، أم ستظل تراهن على استمرار سلالة الذكور في عائلة لم يتبق فيها سوى أمير شاب واحد ليحمل أعباء المستقبل؟