أثارت مشاركة
وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في افتتاح نفق تحت البلدة القديمة في القدس برفقة رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جدلاً واسعاً وتساؤلات حول مغزى الخطوة وتوقيتها.
وحسبما كشف قانونيون وأمنيون مصريون للعربية.نت، فإن النفق الذي يبلغ طوله نحو 600 متر ويمتد من الأطراف الجنوبية لحي "وادي حلوة" في سلوان وينتهي عند أساسات حائط البراق غربي المسجد الأقصى، يعد جزءاً من مشروع إسرائيلي للسيطرة على المسجد الأقصى وتهويده.
وأشار اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات
المصرية الأسبق، إلى أن هذا العمل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وانحيازاً واضحاً لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، مؤكدًا أن التصرف يتناقض مع مبادئ القانون الدولي الذي يعتبر القدس الشرقية أرضاً محتلة وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً القرار 478 لعام 1980 الذي رفض ضم
إسرائيل للمدينة واعتبره لاغياً وباطلاً.
وأضاف رشاد أن مشاركة روبيو تُرسل رسالة دعم أميركية واضحة لإسرائيل، خاصة أن النفق مرتبط بـ"العقيدة
الإسرائيلية" ويعتبره الاحتلال حقاً أصيلاً له، موضحاً أن استمرار إسرائيل في حفرياتها رغم مخالفتها للقانون يعكس حصولها على دعم أميركي كامل، والدليل هو حضور وزير الخارجية الأميركي في هذا التوقيت ومشاركته في افتتاح النفق.
وأوضح رشاد أن الخطورة تكمن في أن نتنياهو يفكر بجدية بعد هذا الدعم الأميركي في ضم أجزاء من الضفة الغربية، ساعياً لتحقيق "وهم إسرائيل الكبرى" وحلم إنشاء الدولة من النيل إلى الفرات، وهو المشروع الذي يتبناه اليمين الإسرائيلي المتشدد المتحالف مع نتنياهو.
من جانبه، يرى الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، أن مشاركة روبيو تعني موافقة ضمنية من
الولايات المتحدة على الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية، وهو ما يتعارض مع التزامات
واشنطن كعضو دائم في مجلس الأمن باحترام قرارات المجلس وتطبيق القانون الدولي.
وأوضح مهران أن افتتاح النفق يندرج ضمن المخطط الإسرائيلي الممنهج لتهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، من خلال إنشاء حقائق جديدة على الأرض تهدف لترسيخ الاحتلال وتشويه التاريخ الحقيقي للمدينة.
وشدد على أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر على دولة الاحتلال إجراء تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة أو تدمير التراث الثقافي والديني للسكان الأصليين. وأضاف أن النفق يهدد سلامة المسجد الأقصى والمعالم الإسلامية، ما يضع المسؤولية على المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات فوراً.
وأكد مهران أن الموقف الأميركي المنحاز لإسرائيل يقوض دور الولايات المتحدة كوسيط في عملية السلام ويشجع إسرائيل على المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي، مطالباً المجتمع الدولي بإدانة السلوك ومحاسبة الأطراف المتورطة، وداعياً الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم، وتفعيل آليات العقوبات والضغط الدبلوماسي والاقتصادي لحماية القدس ومقدساتها.