ذكر موقع "National Security Journal" الأميركي أنه "يوم الثلاثاء الماضي، أطلقت
روسيا أكثر من 400 طائرة مسيّرة على
أوكرانيا في إحدى هجماتها الليلية، وقد اخترقت نحو 20 منها المجال الجوي البولندي، مما يجعل هذه الحادثة رسميًا أول عمل عدائي ترتكبه موسكو ضد دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في تاريخ الحلف. وكان للحادث تأثيرٌ بالغ على بولندا، فبين عشية وضحاها، أقنعت روسيا آلاف المواطنين البولنديين بالتطوع في التدريب العسكري".
وبحسب الموقع، "قال أحد خبراء الدفاع البولنديين للموقع: "هناك علاقة سببية واضحة تجري هنا". وأضاف: "يتحرك
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا، فيصبح الناتو حينها أكبر وأكثر تصميمًا". وتابع قائلاً: "لهذا السبب انضمت السويد وفنلندا إلى التحالف بعد عقود من الحياد الذي فرضاه على نفسيهما. والآن، أقنع المزيد من الدول بالاستعداد لخوض الحرب. يبدو الأمر كما لو أنه يمتلك في السياسة الخارجية ما يعادل "لمسة ميداس" المستوحاة من الأسطورة اليونانية للملك ميداس، ولكن بالعكس. فكل ما يفعله يرتد عليه سلبًا". أعلن رئيس الوزراء البولندي
دونالد توسك، الشهر الفائت، أن بلاده ستنشئ نظام احتياطي جاهز على غرار النموذج
الإسرائيلي، حيث سيُطلب من مئات الآلاف من المواطنين المشاركة في برنامج شامل للتدريب العسكري والحصول على وضع الاحتياط. الهدف من هذا البرنامج الشامل للاستعداد العسكري هو إنشاء جيش بولندي من الأفراد العاملين في الخدمة الفعلية مدعومًا بقوة مكونة من 500 ألف جندي احتياطي مدرب وجاهز للتدريب المطلوب. إن هذا التفويض من شأنه أن يجعل الجيش قويا بما يكفي لردع الجيش الروسي عن مهاجمة بولندا والاستيلاء على أجزاء من الأراضي، كما فعل بالفعل في أوكرانيا".
وتابع الموقع، "قال توسك: "بحلول نهاية العام، نريد أن يكون لدينا نموذج جاهز بحيث يتم تدريب كل ذكر بالغ في بولندا على الحرب، وبحيث يكون هذا الاحتياطي كافيا للتهديدات المحتملة". مع 200 ألف جندي مسلح، أصبح الجيش البولندي الآن ثالث أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد
الولايات المتحدة وتركيا، وهو أيضًا الأكبر بين أعضاء الحلف في
الاتحاد الأوروبي. وقد دفع هذا الخوف من "ماذا ستفعل روسيا بعد ذلك" العديد من البولنديين إلى التسجيل في هذا البرنامج التدريبي".
وأضاف الموقع، "لا تزال ذكريات العقود التي خضعت فيها بولندا للاحتلال السوفيتي، وحُكم شعبها بنظام شيوعي تحت سيطرة الروس، حاضرة في أذهان الكثيرين في هذا البلد. ويُشكّل التوجه التاريخي لروسيا، القائل بأن "كل شيء ملكنا"، مصدر قلق للجيش البولندي بشكل خاص، ولحلف الناتو بشكل عام. وقال قائد كبير سابق في حلف شمال الأطلسي للموقع: "إذا استمعت إلى هذيانات بوتين العام الماضي عندما قدم روايته غير المتوقعة للتاريخ الروسي في مقابلته مع المعلق السياسي الأميركي تاكر كارلسون، فسوف تفهم لماذا يشعر البولنديون بالتوتر وعدم الثقة في موسكو في هذه المرحلة"."
وبحسب الموقع، "قرر أكثر من 20 ألف بولندي الانضمام إلى برنامج التدريب العسكري التطوعي خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، وهذا يتوافق مع مستويات قياسية مماثلة للمتطوعين في نظام التدريب العام الماضي، كما أوضح العقيد جرزيجورز فاورزينكيفيتش، رئيس المركز المركزي للتجنيد العسكري في بولندا. وصرح بأن الجيش البولندي يتوقع أن يكمل حوالي 40 ألف متطوع هذا البرنامج التدريبي بحلول نهاية عام 2025. وسيكون هذا العدد الإجمالي أكثر من ضعف الـ 16 ألفًا الذين تطوعوا في عام 2022. وهذه الزيادة في المشاركة هي نتيجة مباشرة للمخاوف الجماعية بشأن العدوان الروسي المتجدد منذ غزو بوتين لأوكرانيا في شباط 2022".
وتابع الموقع، "منذ بداية الحرب عام 2022، ضاعفت بولندا إنفاقها الدفاعي بأكثر من الضعف، من 2.2% من ناتجها الاقتصادي الإجمالي إلى4.7% هذا العام. وتُعدّ هذه أعلى نسبة إنفاق عسكري في حلف الناتو، الذي يضم 32 دولة، مما يضع وارسو في مرتبة أعلى بكثير من القوى الأوروبية الأقدم والأعضاء الأوائل في حلف الناتو، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وتُظهر خطط بولندا الطويلة المدى لزيادة حجم جيشها مكاسب ملموسة في الوقت الحاضر. في عام 2014، كان لدى بولندا تاسع أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكنها اليوم ثالث أكبر جيش، وتخطط وارسو لزيادة أعداد أفرادها بنحو الثلث خلال العقد المقبل. إن العقبة الوحيدة التي تلوح في الأفق هي أن بولندا تعاني من انكماش وشيخوخة السكان، وهي قضية تهدف الجهود المبذولة لزيادة المشاركة التطوعية في الجيش إلى التغلب عليها".