نشر موقع "إرم نيوز" الإماراتي تقريراً جديداً قال فيه إن "الرئيس السوري أحمد الشرع يُغير قواعد اللعبة"، مشيراً إلى أن "سوريا على أعتاب رفع العقوبات المفروضة عليها وإبرام تحالف أمني مع إسرائيل".
التقرير نقل عن مراقبين قولهم إنّ "الشرع يحقق نجاحات متزايدة في سبيل إخراج دمشق من عزلتها السابقة"، مشيرين إلى أن "الشرع نجح، بفضل التحركات الإقليمية والدولية الواسعة، في تعزيز صورته وقدرته على إدارة الأزمات وتحويلها إلى فرص؛ إذ وصل الأمر اليوم إلى حضوره في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وقالت مصادر سورية مطلعة، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن نهج التحركات الدولية للشرع والذي يأخذ محطة جديدة في حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تجعله يكسب نقاط إيجابية أمام المجتمع الدولي والنخب الاقتصادية والسياسية في الخارج ويعزز من سردية الرئيس القادر على صنع السلام بعد عقود من الصراع مع إسرائيل.
وبحسب المصادر، فإن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبذل جهوداً كبيرة لتقريب وجهات النظر وتمرير الاتفاقية الأمنية بين إسرائيل وسوريا، وجمع الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طاولة واحدة، بعد استقبال حافل لوزير الخارجية السوري ورفع العلم على مبنى السفارة في نيويورك، مما يشير إلى الانفتاح المتسارع.
وأفادت المصادر بأن هذه الزيارة ستساعد في تسريع عملية رفع العقوبات التي وعدت بها الرئيس الأمريكي وبالتالي إنجاح عملية الانتقال السياسي في دمشق.
وفي السياق، اعتبر الباحث السياسي السوري، محمد هويدي، أن زيارة الشرع إلى نيويورك ومشاركته في هذا الحدث الدولي محطة فارقة في تاريخ السياسة السورية، ليس فقط بسبب توقيتها ولكن لمجيئها في ظل تحولات إقليمية ودولية تفتح الباب أمام اتفاق محتمل بين سوريا وإسرائيل المعروفة بالاتفاقية الأمنية التي من الممكن أن تكون البوابة لاتفاقية سلام بين البلدين بعد ذلك.
وأضاف هويدي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا الحضور العلني في مركز الثقل الدبلوماسي العالمي باجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، يحمل رسائل متعددة المستويات، حيث يعبر عن رغبة السلطة المؤقتة في دمشق بالانفتاح وأن تكون جزءا من النظام الدولي وأن تحاول ترتيب دورها ضمن صياغة إقليمية جديدة ومنح صورة مغايرة لسوريا كدولة فاعلة تسعى لتحديد مستقبلها بدلا من أن تكون بلد خاضع للصراعات الدولية والإقليمية.
وبين هويدي أنه يمكن قراءة هذه الزيارة كجزء من استراتيجية أوسع تستهدف إعادة تحقيق تموضع سياسي ودبلوماسي على المستويين الإقليمي والدولي، فبعد سنوات من الحرب والحصار الاقتصادي والعزلة الدولية وتغيير النظام في سوريا، تعد هذه المشاركة في الحدث الدولي فرصة لتعزيز الاتصالات مع الدول الكبرى وإعادة صياغة التحالفات الاقتصادية والسياسية.
وأوضح هويدي أنه على صعيد الشرعية السياسية فأن تحركات الرئيس المؤقت على اتجاهات متعددة من الحوار مع القوى الكبرى إلى الانفتاح على أطراف إقليمية ومنها إسرائيل على سبيل المثال، بعد عدة لقاءات عقدت معها في باكو وباريس ولندن ، تعكس سعي واضح لتكريس صورة الرجل البراغماتي القادر على إدارة الأزمات وتحويلها إلى فرص.
ويقول "هويدي" إن هذا الأمر لا يخلو من تحفظات داخلية تتعلق بالثوابت الوطنية وتحديدا فيما يتعلق بالاتفاقية الأمنية ، لذلك يسعى الشرع لترسيخ شرعيته الدولية ويقدم نفسه على أنه رجل قادم لإدارة التوازنات بين ضرورة الانفتاح ومقتضيات الهوية الوطنية والرأي العام المحلي.
وأردف أنه في حال استطاع الشرع إقناع الداخل والخارج بهذه التحركات قد تتحول إلى مصدر قوة إضافية ، وإذا لم يحقق ذلك، تستثمر هذه الأوراق في الداخل بشكل سلبي لذلك تعتبر هذه الزيارة اختبارا حقيقيا لسوريا في بناء صورتها بالخارج وأيضا اختبار لقدرة الرئيس المؤقت على صياغة تلك العلاقات وإدارة التحولات في العلاقات الدولية.
بدوره، يرى المحلل السياسي السوري ، وائل علوان، أن زيارة الشرع إلى نيويورك وحضور المحفل الأهم دوليا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تأتي كأحد أهم مظاهر العمل على الإنفتاح السياسي لسوريا بعد تموضعها الجديد والانتقال السياسي فيها بعد سقوط النظام السابق.
وأرجع علوان في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أهمية الزيارة ضمن سياق التعامل الدولي بأن سوريا لم تعد دولة مارقة أو مصنفة على أنها ترعى وتدعم الإرهاب ومعادية للغرب، على العكس ، هناك إجراءات عدة من الولايات المتحدة ومحيطها وأصدقائها ، تثبت أن دمشق أصبحت حليف للمحور الغربي وهذه الزيارة أحد هذه المظاهر ، لهذا الانتقال الذي يجري في سوريا.
ولفت علوان إلى أنه لايوجد سلام مع إسرائيل أو تطبيع في ظل التشابك السياسي والميداني بين دمشق وتل أبيب ، لذلك أقتنعت واشنطن بأن الشيء المنطقي في الوقت الحالي هو الذهاب إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وهدنة طويلة تكون ممهدة لحل بقية المشكلات المعقدة وبالتالي الوصول إلى السلام بحسب ما تريد واشنطن.
وتابع أن هذا الأمر سيكون شبيه لما حدث عام 1974 والذي تحاول فيه الحكومة السورية ضمان فرصة لإنجاح عملية الانتقال السياسي والاستقرار في سوريا وبناء الدولة لأن إسرائيل دون الوصول معها إلى اتفاق مماثل، لن تعطي فرصة لسوريا.
واستكمل علوان، أن في الوقت ذاته، لا يوجد هناك ضمانات على التزام إسرائيل وما نشهده من الدعم والانفتاح السياسي الغربي الأميركي على دمشق، غير كاف حتى يثني إسرائيل عن التدخل وخرق الاتفاق أن وقع لاحقا مع سوريا، لذلك سيبقى هناك هامش لابد من وضعه في الحسبان دائما بأن هناك تحديات كبيرة ما زالت أمام الاستقرار في سوريا وتحتاج دعم وعمل أكبر، للوصول إلى هذه المحطة. (إرم نيوز)