نشر موقع "المونيتور" الأميركي تقريراً جديداً قال فيه إنّ "إيران تدرس خيارات متعددة بين الدبلوماسية والتصعيد والتغييرات في سياستها النووية، وذلك مع العودة إلى فرض العقوبات عليها.
وعقد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، سلسلة اجتماعات على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام، شارك فيها نظراؤه الأوروبيون، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، ووزراء من آسيا وأوروبا وأفريقيا، وحذّر من أن إعادة فرض العقوبات ستُوجّه "ضربة قاصمة" للدبلوماسية وتُقوّض معاهدة حظر الانتشار النووي.
كذلك، أكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الذي كان أيضاً في نيويورك هذا الأسبوع، أن بلاده "مستعدة تماماً لأي سيناريو" وأن سياساتها "ستُعدّل وفقاً للوضع الجديد".
وحذّر من أن المحادثات النووية "ستصبح بلا جدوى" إذا أُعيد فرض العقوبات، وكرّر نفي طهران لطموحاتها النووية.
وتواجه الحكومة في طهران ضغوطاً داخلية متزايدة من منافسيها المتشددين، إذ من المقرر أن يبدأ البرلمان، الذي يهيمن عليه المحافظون، مناقشات يوم الأحد لمراجعة العقيدة النووية للبلاد.
ودعا كبار المشرعين الداعمين للمناقشة إلى تعزيز قدرات الردع، بما في ذلك إمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال فقدان تخفيف العقوبات نهائياً.
وقال نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي نيكزاد، لشبكة أخبار الطلاب يوم الجمعة إنَّ البرلمان "سيناقش المقترحات بجدية"، مشيراً إلى "الظروف العالمية المتغيرة والتهديدات التي يشكلها النظام الإسرائيلي".
وبينما يُصرّ المرشد الأعلى، علي خامنئي، وهو صاحب السلطة العليا في شؤون السياسة الخارجية الرئيسية، على أن إيران لا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية، تُثير النقاشات تساؤلات متزايدة حول جدوى ضبط النفس النووي.
وأدى الجمع بين إعادة فرض العقوبات الوشيكة والمناقشات البرلمانية حول العقيدة النووية إلى خلق بيئة عالية المخاطر حيث يمكن لإيران أن تسعى إلى عدة مسارات متوازية: مضاعفة الدبلوماسية، والإشارة إلى الاستعداد للتصعيد، أو إعادة تعريف المعايير القانونية والاستراتيجية لبرنامجها النووي، الذي كان في قلب التوترات مع الغرب لأكثر من عقدين من الزمن.
ومع ذلك، يبدو أن استراتيجية إيران تعكس توازناً دقيقاً، فقد شددت اجتماعات عراقجي، بما فيها جلسة ثانية مع غروسي في أقل من أربعة أيام، على استمرار الحوار ومنع المزيد من التصعيد.
لكن ذلك لم يكن مجدياً؛ إذ تُشير رسائل طهران إلى أنه في حال إعادة فرض العقوبات، فقد تتخذ إيران عدة خطوات: تعليق تعاون الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو مراجعة عقيدتها النووية، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. وفعلياً، فإن كلّ هذه الإجراءات قد تفاقم التوترات الإقليمية؛ ما يزيد من خطر اندلاع مواجهة أوسع نطاقاً، بحسب "المونيتور".
وتُصرّ إيران على أنها تصرفت "بمسؤولية" من خلال تجديد تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع ذلك، يُجهّز بيزيشكيان وعراقجي علناً لاحتمالات طارئة؛ ما يعكس الضغوط الداخلية والحسابات الاستراتيجية وسط شكوك غربية.
وتأتي العودة شبه الحتمية لعقوبات الأمم المتحدة في وقت يشهد تقلبات إقليمية متزايدة، فإيران لا تواجه ضغوطاً غربية بشأن برنامجها النووي وعزلة اقتصادية متزايدة فحسب، بل تواجه أيضاً تداعيات إقليمية ناجمة عن الصراع الدائر في غزة واحتمال استئناف حربها مع إسرائيل في حزيران، والتي انتهت بوقف إطلاق نار هش.
أيضاً، تُضيف المناقشات البرلمانية حول العقيدة النووية، بما في ذلك إمكانية التسلح أو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مزيداً من التعقيد.
ويخلُص تقرير "المونيتور" إلى أن الاختيارات التي تم اتخاذها في نيويورك، وداخل أروقة السلطة في إيران، من شأنها أن تعيد تشكيل ليس فقط الحوار النووي بين إيران والغرب، بل وأيضاً ديناميكيات الأمن الإقليمي لسنوات قادمة.