في خطوة وُصفت بأنها تحوّل لافت في أسلوب الحكم بفرنسا، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي الجديد سيباستيان لوكورنو تخليه عن استخدام المادة 49.3 من
الدستور، التي تتيح تمرير القوانين من دون تصويت
برلماني.
القرار أثار ردود فعل متباينة: فقد رحّبت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبن بالخطوة ووصفتها بأنها "أكثر احتراماً للديمقراطية"، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من أنّها لا تمثل "قطيعة حقيقية مع الماكرونية". أما أوليفييه فور، زعيم الحزب
الاشتراكي، فاعتبر أنّ الخطوة "تغيير في المنهجية" لكنه طالب بترجمتها عبر تصويت فعلي على إصلاحات جوهرية، خصوصاً في ملف التقاعد.
من جهته، حذّر فابيان روسيل، زعيم الحزب الشيوعي، من "أي مناورة سياسية خلف هذا التراجع"، فيما وصف مانويل بومبار من حزب "
فرنسا الأبية" الحكومة بأنها "غير شرعية"، معلناً نية كتلته التقدم بمذكرة حجب ثقة. أما أحزاب الوسط، فاعتبرت أنّ الخطوة “يد ممدودة للحوار البرلماني".
على المستوى الأكاديمي، رأى الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي لوران بوفيه أنّ تخلي لوكورنو عن المادة "أقرب إلى براغماتية سياسية منه إلى قناعة ديمقراطية"، موضحاً أنّ أي محاولة لاستخدامها مجدداً كانت ستعني سقوط الحكومة عبر حجب الثقة. أما البروفيسورة سيلفي ستراوس، المتخصصة في الأحزاب اليمينية، فاعتبرت أنّ القرار يعكس "انقساماً حاداً" في الساحة الحزبية
الفرنسية، ويرجّح أن يفتح الباب أمام توافقات برلمانية جديدة.
يُذكر أن المادة 49.3، التي تعود إلى دستور الجمهورية الخامسة (1958)، استخدمت بكثرة في عهد رئيسة الوزراء السابقة إليزابيث بورن، حيث لجأت إليها 23 مرة، الأمر الذي فجّر احتجاجات واسعة واتُّهمت الحكومة على أثرها بالالتفاف على
الديمقراطية.
ويرى مراقبون أنّ تراجع لوكورنو عن هذه المادة، وإن لقي ترحيباً شعبياً (إذ أظهر استطلاع أن 7 من كل 10 فرنسيين يعارضونها)، يبقى خطوة تكتيكية لتجنّب سقوط مبكر لحكومته، فيما تبقى المعركة الحقيقية مرتبطة بمضمون السياسات المقبلة، لا بآليات تمريرها.
(إرم نيوز)