نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تساءلت فيه عما إذا كان لحركة "حماس" في غزة جيش سريّ في السابع من تشرين الأول عام 2023، وذلك حينما شنت هجومها الكبير على إسرائيل.
الصحيفة تحدثت عن لغز وجود 14 مصوراً من غزة على أسطح المنازل قبل شروق شمس يوم 7 تشرين الأول 2023، وهو الأمر الذي ستتحدث عنه الصحيفة في متن تقريرها.
وتقولُ "جيروزاليم" في تقريرها الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "عندما فاجأت إسرائيل أعداءها، خرجت الأخيرة منتصرة"، وتُضيف: "من الأمثلة على ذلك تدمير سلاح الجو المصري في بداية حرب الأيام الستة عام 1967، وهجمات أجهزة البيجر العام الماضي في لبنان. ولكن، عندما فُوجئت إسرائيل أثناء حرب يوم الغفران عام 1973 والهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول 2023، عانت من عواقب مدمرة".
واستكمل التقرير قوله: "أحد الأسباب التي جعلت حماس تتمتع بميزة المفاجأة هي الأنفاق، فمن خلالها تتمتع الحركة بعنصر المفاجأة وتحديداً عندما يخرج عناصرها منها، وهو شيء تفتقرُ إليه إسرائيل".
وأكمل: "لقد فوجئت القيادة العسكرية والاستخباراتية والسياسية في إسرائيل قبل عامين في السابع من تشرين الأول، وقد ادعى رعاة حماس في إيران وحلفاؤهم في حزب الله أنهم لم يكونوا على علم بتوقيت الهجوم".
وتابع: "من كان ليعلم؟ ومن لم يُفاجأ؟ تشير تحقيقات أجراها المصور الصحفي ومستشار التصوير الفوتوغرافي المعروف دولياً ديفيد كاتز إلى أن ما يصل إلى 14 مصوراً صحفياً من النخبة في غزة كانوا متواجدين على أسطح المنازل في غزة قبل الساعة 6:30 صباحاً في يوم 7 تشرين الأول 2023، وعلى استعداد لتوثيق الهجمات الصاروخية الأولية التي وفرت الغطاء لتسلل حماس المفاجئ إلى إسرائيل. مع هذا، فقد تم التحقق من توقيت الصور من قبل خبراء مستقلين، الذين قاموا بتحليل ظروف الطقس والإضاءة".
وأكمل: "بناءً على الأدلة الجوية والضوئية، تتوافق الإضاءة مع نافذة ضيقة قبل شروق الشمس، مما يؤكد أن المصور كان مُدبّراً ومستعداً قبل بدء الهجمات. أيضاً تُثبت الصورة صحة ادعاءات التوقيت، مع أنها لا تُثبت بحد ذاتها النية أو المعرفة المسبقة. ورغم أن التوقيت المثير للريبة الذي اتخذه المصورون وارتباطاتهم بحماس يشيران إلى أنهم كانوا على علم مسبق بالهجوم، فإن الأمر لا يزال يتطلب مزيداً من المعلومات لإثبات بشكل قاطع أنهم كانوا على علم به بالتأكيد".
وأضاف: "لقد نشر جميع المصورين الصحفيين الـ14 صوراً مُثيرة للإعجاب لإطلاق الصواريخ عبر وكالات الأنباء مثل رويترز، وأسوشيتد برس، ووكالة فرانس برس، وجيتي إيماجز، ووكالة الأناضول التركية التي تديرها الدولة هناك. بدا توقيت الصور الواضحة دليلاً على معرفتهم بموعد إطلاق النار. نشر بعضهم، مثل محمود عيسى من رويترز، صوراً على إنستغرام لشروق الشمس أثناء الهجمات. أيضاً، استمر بعضهم بالتقاط الصور طوال اليوم في مواقع رئيسية، مثل مستشفى الشفاء عند وصول الرهائن، والسياج الحدودي حيث اشتعلت النيران في دبابة النقيب عمر نيوترا. كذلك، ظل جميع المصورين، على نحوٍ مثير للريبة، يظهرون في المكان والوقت المناسبين".
واستكمل: "كانت المصورة الوحيدة بين الأربعة عشر مصورةً هي فاطمة شبير من وكالة أسوشيتد برس، التي كُرِّمت عام 2021 في يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني الذي نظمته حماس، وهو حدث سنوي يُنظِّمه المكتب الإعلامي الحكومي التابع للحركة، بهدفٍ مُعلنٍ هو مواءمة الإعلام مع أجندة حماس، وقد تحدثت شبير في فيديو ترويجيٍّ للحدث".
وقال: "في العام نفسه، كرّم المكتب الإعلامي لحركة حماس المصور محمد عبد البابا، والأخير كان متواجداً في 7 تشرين الأول على سطح أحد المباني في غزة. وفي العام التالي، كرمت حماس مصور وكالة رويترز فادي شناعة، الذي كان أيضاً على سطح أحد المباني في السابع من تشرين الأول. لقد ارتدى شناعة وشاحاً رسمياً لمكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس في الحفل".
ويعتقد كاتز أن تحقيقه يثبت أن حماس أبلغت المصورين الـ14 المقيمين في غزة بموعد إطلاق الصواريخ، وهو ما يجعلهم متواطئين في الهجمات على المدنيين الإسرائيليين، وقال زاعماً: "في وقت تخضع فيه الحقيقة في الصحافة لتدقيق غير مسبوق، تشير النتائج إلى انهيار مقلق في المسؤولية الصحفية - وتشويش غير مريح للخط الفاصل بين المراقب والمشارك".
وأضاف: "كان المصورون الأربعة عشر المقيمون في غزة على أهبة الاستعداد عندما بدأت الأحداث تتكشف – إلى جانب المسلحين الذين بدأوا الأحداث".
وتساءل كاتز عن سبب قيام "رويترز" و"أسوشيتد برس" ووكالة "فرانس برس" و"جيتي" وحتى صحيفة "نيويورك تايمز" بنشر صور تم تقديمها في السابع من تشرين الأول من دون التشكيك علناً في وصول المصورين أو انتماءاتهم أو أخلاقيات التوزيع.
وبحسب "جيروزاليم"، فقد أصبحت هذه الصور أو توثيق مرئي للمذبحة في العالم وأكثرها استمرارية. وفي وقت لاحق، سُمح للمصورين أنفسهم بالوصول إلى كل حدث إعلامي رئيسي في غزة أعقب ذلك لاسيما في المستشفيات، ومشارح الجثث، وإطلاق سراح الرهائن، والجنازات، ومشاهد الدمار المنظمة للغاية.
وهنا، قال كاتز: "بينما مُنع الصحفيون الأجانب من الدخول لأسباب تتعلق بالسلامة، احتكرت هذه المجموعة المختارة فعلياً السرد البصري. إن النتيجة مذهلة: لقد رأى الجمهور العالمي غزة بالكامل تقريباً من خلال صور مجموعة ذات روابط متداخلة مع مرتكبي هجوم السابع من تشرين الأول. لقد تمت إعادة تدوير هذه الصور - التي لم تخضع للمناقشة أو الترشيح - بلا نهاية في الصحف، والبث التلفزيوني، والمنصات الرقمية، مما أدى إلى تشكيل تصورات ومناقشات سياسية تتجاوز ساحة المعركة إلى حد كبير".
ويعتقد كاتز، وفق "جيروزاليم"، أن الصحافة في غزة تجاوزت الحدود في ذلك اليوم، وقال إن النتائج تثير تساؤلات حول الأخلاقيات، والمصادر، والمساءلة في وسائل الإعلام العالمية.
وحذر من أنه "عندما تعتمد وسائل الإعلام العالمية على أفراد لديهم معرفة مسبقة بالإرهاب، وربما يرتبطون بشكل مباشر بمنظميه، فإنها تتخلى عن معاييرها الخاصة في الحصول على المصادر والاستقلال والنزاهة".
وفي حين ركزت الدراسة على الصحفيين الأربعة عشر الذين كانوا على الأسطح قبل فجر السابع من تشرين الأول، فقد فحصت أيضاً عمل ما مجموعه 45 مصوراً صحفياً زينت صورهم وكالات الأنباء والصحف الكبرى منذ ذلك الحين.
وعلى الرغم من الاتهامات الموجهة لإسرائيل باستهداف الصحفيين في غزة عمداً، فإن واحداً فقط من بين الصحفيين الـ45 الذين قُتلوا في الحرب هو حسن إصلايا، والذي كشفت منظمة مراقبة الإعلام "أونيست ريبورتنج" عن علاقاته مع "حماس".
وفي وقتٍ لاحق، نشر الجيش الإسرائيلي وثائق رسمية تابعة لـ"حماس" تثبت أن إصلايا كان مقاتلاً في لواء خان يونس التابع لحماس، وفق مزاعم وادعاءات "جيروزاليم".