تتصاعد المخاوف من مواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي مع تزايد التوترات في خليج فنلندا، الممرّ البحري الصغير شرق بحر البلطيق الممتد بين فنلندا وإستونيا وصولًا إلى سانت بطرسبرغ، والذي يُعدّ حيويًا لقدرات موسكو البحرية.
يرى خبراء أنّ المضيق، الذي لا يتجاوز 80 ميلًا في أوسع نقاطه، يشكّل شريانًا لعمليات "أسطول الظل" الروسي الذي يمر بانتظام عبر
الخليج، حيث يصعب تتبّع "السفن الشبحية" بسبب غموض ملكيتها، ما يتيح الالتفاف على
العقوبات ونقل
النفط. ووفق الخبير الأمني الدولي توم كيتينغ، فإن المنطقة "حسّاسة جدًا" للناتو والروس على السواء، وتشهد تحليقًا عسكريًا كثيفًا فوقها.
وتعتبر خبيرة السياسة الخارجية الروسية والدبلوماسية الجورجية السابقة ناتالي سابانادزي الخليج "نقطة اشتعال رئيسية"، مشيرةً إلى عبور سفن تهرّب العقوبات وتؤمن صادرات النفط الروسية. وكشفت عن استخدام "قوارب الأشباح" لأغراض أخطر؛ إذ احتجزت
فرنسا في أيلول سفينة روسية يُشتبه بانتمائها لأسطول الظل للاشتباه بمساعدتها في إطلاق مسيّرات نحو أجواء الناتو، فيما وُجّهت في كانون الأول اتهامات لسفينة "إيغل إس" بإتلاف خمسة كابلات اتصالات بمرساتها داخل الخليج.
التصعيد لا يقتصر على البحر. الشهر الماضي شهد مواجهة جوية لـ12 دقيقة فوق الخليج بين مقاتلتي إف-35 إيطاليتين وميغ-31 روسية قادرة على حمل رؤوس نووية، قبل مرافقة الطائرات الروسية إلى كالينينغراد. وفي أيار، حلّقت سو-35 روسية فوق سفينة "مشبوهة" في مسار الخليج، وفق قوات الدفاع الإستونية.
يحذّر كيتينغ من "احتمال حادث خطير" على خط الملاحة الممتد من القناة الإنجليزية مرورًا بالمضائق الدنماركية فبحر البلطيق وخليج فنلندا نحو الموانئ الروسية؛ سواء تسرّب نفطي يلوّث سواحل بولندا أو تصادم جوي بين طائرات الناتو وروسيا. ويقول: "في المساحات الضيقة، قد تسوء الأمور سريعًا إن لم نكن حذرين".
وبرغم إقرارها بحساسية الخليج، ترى سابانادزي أن أسطول الظل لن يتأثر كثيرًا بتشديد الرقابة الأوروبية على هذا الممر، مرجّحةً تحويل المسارات إلى مناطق أخرى، داعيةً إلى عمل
أوروبي شامل في بحر البلطيق والبحر الأسود لمواجهة الشبكة الروسية. (العين)