كتبت "سكاي نيوز": في ظل تصاعد التحذيرات من خطر التنظيمات المتطرفة داخل المجتمعات الأوروبية، عاد تنظيم "الإخوان المسلمين" إلى دائرة الجدل الأمني والسياسي، وسط تنامي المخاوف من تمدده داخل مؤسسات الغرب، ولا سيما في بريطانيا وأيرلندا، حيث حذّرت نائبة في البرلمان الأيرلندي مؤخراً من تنامي نفوذ التنظيم.
ولا تأتي هذه التحذيرات من فراغ، إذ تستند إلى أنشطة متزايدة ومتنوعة يقوم بها التنظيم، تمتد من الجمعيات الخيرية والمراكز البحثية إلى تحركات فاعلة داخل بعض الأوساط الأكاديمية والسياسية، ما يثير قلقاً متزايداً بشأن أهدافه ومسارات نفوذه في تلك الدول.
شبكة نفوذ مترسّخة داخل بريطانيا
يتعمّق نفوذ تنظيم "الإخوان المسلمين" داخل المجتمع
البريطاني بشكل لافت، وفق ما يؤكده غانم نسيبة، مؤسس مركز "كورنرستون" للاستشارات.
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، قال نسيبة إنّ التنظيم "يتجذّر في المجتمع البريطاني أكثر من أي دولة أوروبية أخرى"، موضحاً أنّه موجود في بريطانيا منذ أكثر من قرن، وتمكّن خلال هذه الفترة من التغلغل في النظام السياسي والأكاديمي وحتى في بعض مفاصل الحكومة.
وأضاف نسيبة أنّ التنظيم ينشط تحت غطاء قانوني، مستفيداً من مساحة حرية التعبير والاعتقاد في الغرب لنشر أفكاره الأيديولوجية، معتبراً أن ذلك يشكّل تحدّياً وجودياً للمجتمعات الأوروبية.
وأشار إلى أنّ "الإخوان أعادوا تعريف مفهوم الإسلاموفوبيا، واستخدموه كدرع لاتهام كل من ينتقدهم بالعداء للإسلام"، ما أدى إلى إرباك المشهد السياسي البريطاني.
كما لفت نسيبة إلى أنّ بريطانيا حاولت بين عامي 2014 و2016 تضييق الخناق على أنشطة التنظيم، إلا أنّ الإجراءات بقيت محدودة وغير مكتملة، مضيفاً أنّ الحكومة
البريطانية وجدت نفسها في حالة كرّ وفرّ مستمرة مع التنظيم، الذي نجح في استغلال الثغرات القانونية لتوسيع نفوذه.
خطوات أوروبية متدرّجة لمواجهة الإخوان
في المقابل، يبدو أنّ عدداً من الدول الأوروبية، مثل
فرنسا وألمانيا، قد استوعب حجم الخطر بصورة أوضح، وبدأ يتخذ خطوات عملية لمواجهة تنظيم "الإخوان". وفي هذا الإطار، قال غانم نسيبة إنّ "هناك وعياً أوروبياً متنامياً بأن الإخوان يشكّلون تهديداً وجودياً، ليس فقط للمجتمعات الإسلامية في
أوروبا، بل للمجتمع
الأوروبي بأسره، نظراً لأجندتهم المتطرفة".
ودعا نسيبة إلى الاستفادة من تجارب
الدول العربية التي صنّفت التنظيم كمنظمة إرهابية، موضحاً أنّ "الدول العربية أدركت، بعد تجارب طويلة، أنّ هذا التنظيم لا يمكن التعايش معه"، مضيفاً: "على أوروبا أن تفهم لماذا كانت بعض هذه الدول قد قبلت بالإخوان في السابق، ولماذا رفضتهم لاحقاً".
كما شدّد نسيبة على أهمية تحويل هذا الإدراك الأوروبي إلى خطوات تشريعية ملموسة، تشمل تصنيف التنظيم ككيان إرهابي، وتعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي مع الدول العربية لمواجهة خطر تمدده.