نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريراً جديداً قالت فيه إنّ السجون الإسرائيلية لعبت دوراً محورياً في تكوين جيل من قادة حركة "حماس" أبرزهم يحيى السنوار، مُهندس هجمات الـ7 من تشرين الأول عام 2023 ضد إسرائيل.
وقال التقرير إنَّ السنوار الذي قضى أكثر من 20 عاماً في الأسر قبل الإفراج عنه عام 2011 ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، خرج من سجن "هداريم" مسلحاً بمعرفة عميقة بخصمه.
وفي السجن، تعلّم السنوار اللغة العبرية، ودرس التاريخ اليهودي، وترجم إلى العربية كتبا لضباط استخبارات إسرائيليين، وكتب رواية عن الجهاد من أنفاق غزة، بحسب الصحيفة.
ونقل غريلز عن مسؤولي أمن إسرائيليين القول إن السنوار خطط لهجوم الـ7 من تشرين الأول من داخل السجن نفسه الذي كان يُعرف بين المعتقلين باسم "جامعة هداريم".
التقرير يقول إنه لطالما انتهت إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، نهج الصفقات غير المتكافئة لتبادل الأسرى، مستندة إلى مبدأ توراتي يقدّس الحفاظ على الحياة، مما جعل اختطاف الإسرائيليين ورقة ضغط فعّالة بيد الفصائل الفلسطينية.
غير أن صفقة شاليط التي أُفرج بموجبها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني أصبحت، بحسب مسؤولين إسرائيليين، "كارثة أمنية" أسهمت في إعادة بناء القيادة العسكرية لـ"حماس".
وأورد تقرير الصحيفة تجارب مشابهة طالت قيادات أخرى، مثل الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل هنية، اللذين صعدا بعد الإفراج عنهما إلى قمة هرم الحركة.
واليوم، تخشى إسرائيل، بحسب التقرير، تكرار الخطأ نفسه، فاحتفظت بأسماء بارزة مثل مروان البرغوثي وعباس السيد خلف القضبان، في حين شددت إسرائيل ظروف الاعتقال وألغت امتيازات التعليم والثقافة داخل السجون.
وترى أن هذه السياسات الصارمة جاءت بثمن إنساني باهظ، إذ رصدت تقارير أممية ومنظمات حقوقية، منها "بتسيلم"، حالات تعذيب واعتداءات جنسية داخل السجون منذ هجمات 7 تشرين الأول، في حين تنفي إسرائيل الانتهاكات وتؤكد أنها تلتزم "بحدود القانون الدولي لا أكثر".
ونقلت "التايمز" عن يوآف بيتون، الرئيس السابق لجهاز استخبارات مصلحة السجون الإسرائيلية، أنه يرى أن إطلاق سراح مئات السجناء في صفقة الهدنة الحالية "ثمن مرتفع لا مفر منه"، لكنه يحذّر من خطأ ترحيل بعضهم إلى الخارج، لأن مراقبتهم تصبح مستحيلة.
السجون التي أرادت إسرائيل أن تكون وسيلة للردع تحولت، عبر التعليم والاحتكاك والتجربة، إلى حواضن لتكوين قادة حماس الأكثر تأثيرا وصلابة: جيل خرج من خلف القضبان ليتقن لغة عدوه، ويفهمه، ثم يواجهه بما تعلمه هناك.
وذكرت "التايمز" أيضاً أنَّ تل أبيب أفرجت في صفقة الهدنة الأخيرة عن 1,700 معتقل فلسطيني و250 أسيراً محكومين بالمؤبد، بينهم 157 من حركة فتح و65 من حماس، ورُحِّل 154 منهم إلى الخارج عبر مصر وقطر وتركيا.
وقالت إن مسؤولين سابقين حذروا من أن المفرج عنهم قد يعيدون تنظيم صفوفهم بعيدا عن الرقابة الإسرائيلية، كما حدث مع صالح العاروري، الذي أُفرج عنه عام 2007 ليصبح لاحقا قائد حماس في الضفة الغربية وأحد مهندسي هجمات تشرين الأول 2023.
وتوصلت الصحيفة إلى مفارقة لافتة، مفادها أن السجون التي أرادت إسرائيل أن تكون وسيلة للردع تحولت، عبر التعليم والاحتكاك والتجربة، إلى حواضن لتكوين قادة حماس الأكثر تأثيرا وصلابة: جيل خرج من خلف القضبان ليتقن لغة عدوه، ويفهمه، ثم يواجهه بما تعلمه هناك. (الجزيرة نت)