Advertisement

عربي-دولي

العالم على حافة الهاوية.. هل دخلت واشنطن وموسكو مرحلة "الرعب النووي"؟

Lebanon 24
31-10-2025 | 11:00
A-
A+
Doc-P-1436335-638975041927551294.png
Doc-P-1436335-638975041927551294.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً خطيراً بالسماح باستئناف التجارب النووية الأميركية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عقود، مما يهدد بإشعال سباق تسلح نووي جديد مع روسيا ويعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة.
Advertisement

وأعلن ترامب أنه وجه وزارة الدفاع الأميركية ببدء اختبار الأسلحة النووية "على قدم المساواة" مع الدول الأخرى، مبرراً القرار بـ"برامج الاختبار التي تقوم بها دول أخرى"، في إشارة واضحة إلى روسيا التي تتهمها واشنطن بتطوير ترسانتها النووية.

رغم نفي موسكو إجراء أي تجارب عسكرية نووية، تؤكد الولايات المتحدة أن المنظومات الصاروخية الروسية الجوية والبحرية تعمل بتكنولوجيا نووية حديثة. وجاء تصريح ترامب ليعكس حالة الثقة النووية المتدهورة بين القوتين العظميين.

وبرر نائب الرئيس جيه دي فانس القرار بالقول: "روسيا تمتلك ترسانة نووية، والصين تمتلك ترسانة نووية ضخمة، وأحيانًا يتعين إجراء اختبارات للتأكد من أن كل شيء يعمل على ما يُرام"، في إشارة إلى ضرورة الحفاظ على سياسة الردع النووي.

يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه العالم توترات غير مسبوقة، حيث تهدد هذه الخطوة بإلغاء عقود من الجهود الدولية للحد من الانتشار النووي، وتعيد العالم إلى منافسة نووية خطيرة قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة.
 
الخشية من "الرعب النووي"
من جهتها، نفت موسكو إجراء اختبارات عسكرية نووية، مشيرة على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أن التجربة الأخيرة لصاروخ "بوريفيستنيك" لا تُعد تجربة نووية، بل تجربة عسكرية، مؤكّدًا في الوقت نفسه أن بلاده لا ترى أن الحوار بين روسيا وأميركا بشأن التوازن الإستراتيجي قد وصل إلى طريق مسدود.

وتفاعلاً مع هذا التصعيد، عبّرت جهات سياسية وعسكرية عن خشيتها من استحضار فترة "الرعب النووي" التي ميّزت مرحلة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي.

واعتبرت هذه الجهات، أن التجارب العسكرية الروسية المتطورة، التي تُطوّع الطاقة النووية للأغراض العسكرية، وأوامر ترامب للبنتاغون بإجراء تجارب عسكرية نووية، تمثّل كلها خطوة إلى الوراء عن الالتزامات الثنائية الرامية إلى تخفيف حدّة التسلّح النووي.

ووقّعت الولايات المتحدة الأميركية على معاهدة حظر التجارب النووية، لكنها لم تصادق عليها، مع التزامها بعدم إجراء أي تفجيرات نووية، وهو ما فعلته موسكو أيضًا بعد سحب مصادقتها على المعاهدة العام 2023، بغية تحقيق التوازن مع واشنطن.

ويمثل هذا التصعيد تمهيدًا لضرب وتقويض التفاهم الثنائي حول تخفيف التوتر العسكري النووي، وعودة إلى ما قبل العام 1992، تاريخ آخر تجربة أميركية لسلاح نووي.

وتؤكد مصادر سياسية قريبة من موسكو أن قيام واشنطن بتفجيرات نووية حقيقية، على غرار ما أشار إليه ترامب ونائبه فانس، سيفرض على موسكو الرد بالمثل، وبالتالي الانخراط في تجارب عسكرية نووية مماثلة.

تحديد المفاهيم
وفي السياق ذاته، يؤكد خبراء الطاقة النووية ضرورة تحديد المصطلحات وتعيين المفاهيم حتى يمكن فهمها في سياق التصعيد الأمريكي النووي.

فمن المهم للغاية تعريف عبارة "استئناف التجارب العسكرية النووية"، وهل المقصود بها إجراء اختبارات نووية أقلّ تقييدًا بمستلزمات منظمة حظر انتشار السلاح النووي، أم المقصود إجراء اختبارات مطلقة وغير مقيدة بأي التزامات ومحاذير، على غرار ما قامت به كوريا الشمالية بين عامي 2006 و2017.

ووفقًا لهؤلاء الخبراء، فإن الولايات المتحدة أمام خيارين اثنين: إما أن تواصل اختباراتها العسكرية النووية "غير الحرجة"، وهي الاختبارات التي لم تتوقف واشنطن في أي فترة عن إجرائها، وكان آخرها إطلاق دفعة من أربعة صواريخ "ترايدنت" الباليستية المطلقة من البحر، ضمن ترسانتها الهائلة من الصواريخ المحيطية الرادعة؛ أو أن تمضي نحو سيناريو "التجارب العسكرية النووية المطلقة".

و"الاختبارات غير الحرجة" هي عبارة واردة ضمن المدونة التشريعية لمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي تحظر فقط التجارب النووية التي تتجاوز إطلاق طاقة معينة أو تسرب حرارة محددة، أو تلك التي تُحدث آثارًا جانبية مضرة بالبيئة والمحيط.

وبناءً على ذلك، تعتبر واشنطن أن التجارب العسكرية الروسية تجاوزت نسبيًا معايير "الاختبارات غير الحرجة"، وبالتالي ستجري اختبارات نووية مماثلة لها، ولكن دون خرق كامل للمعاهدة.

ويقتضي هذا الخيار أن تتوافر لدى واشنطن المعطيات الدقيقة التي تشرح منسوب خرق روسيا لمبدأ "الاختبارات غير الحرجة"، وهو أمر بالغ الصعوبة ويقع ضمن اختصاص منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

سيناريو كوريا الشمالية
أما الفرضية الثانية، وهي الأكثر ترجيحًا، فتتمثل في إجراء اختبارات عسكرية نووية دون قيود أو التزامات.

ولا يستبعد الخبراء أن تخوض واشنطن هذا النوع من التجارب، وبالتالي تلتحق بكوريا الشمالية التي أجرت 6 تجارب نووية كاملة بين عامي 2006 و2017.

وبحسب الخبراء، فإن هذا الخيار غير مستبعد، وقد تنخرط فيه واشنطن رسميًا بالنظر إلى جملة من الاعتبارات المحلية والدولية.

محليًا، يأتي القرار استجابة لرغبة التيارات اليمينية والشعبوية في الحزب الجمهوري باستعراض القوة النووية والتعامل مع التحديات الإقليمية والدولية بشدة وصرامة، وهو ما يتقاطع مع تصريحات نائب الرئيس فانس، ومع تصريح ترامب الأخير بأن غواصة نووية أمريكية متمركزة قرب السواحل الروسية.

ويتحدث الخبراء عن دور مؤسسات فكرية محافظة، مثل "هيريتدج"، في صناعة القرار العسكري الأمريكي، حيث اعتبرت، في كانون الأول الماضي، أنّ على واشنطن أن تستعد لاختبار أسلحتها النووية.

أما دوليًا، فإن إجراء التجارب العسكرية النووية سيكون، على الأرجح، الرد الأمثل على المنافسين اللدودين، روسيا والصين.

ووفق مصادر قريبة من دوائر صنع القرار في البيت الأبيض، فإن التقدير السائد اليوم هو أن موسكو تجاوزت بتجاربها العسكرية المتطورة الأخيرة سقف التوقعات الأمريكية، رغم أنها تخوض حرب استنزاف، منذ شباط 2022، وتعاني من عقوبات اقتصادية غربية متتالية.

وترى هذه المصادر أن روسيا، التي نجحت في تصنيع صواريخ متقدمة وطوربيدات عالية التقنية، ترسل رسائل سياسية وعسكرية قوية إلى داعمي أوكرانيا، مفادها أن "السلاح الدقيق والفعّال" لن يخطئ عواصمهم إذا تصاعد الدعم العسكري واللوجستي لكييف.

كما تريد موسكو إبلاغ واشنطن بأنها تجاوزت "العقل التسليحي الأميركي" بأشواط، وهو ما أكده خبراء عسكريون بريطانيون أشاروا إلى الصعوبة البالغة في تصدي "القبة الحديدية" الأمريكية للصواريخ الروسية المختبرة مؤخرًا، وعلى رأسها صاروخ "بوريفيستنيك"، القادر على قطع 14 ألف كيلومتر، والتحليق لمدة 15 ساعة باستخدام تقنية دفع نووية متطورة.

وبالتالي، فإن التدخل الأميركي في هذا السياق يصبح ضروريًا لتأمين 3 أدوار:
- أولها تسجيل الحضور الأمريكي على الساحة العسكرية،
- وثانيها تقويض مقولة التفوق العسكري الروسي،
- وثالثها إجبار موسكو وبكين على توقيع اتفاقية عسكرية نووية ثلاثية تنظم وتيرة التنافس النووي.

وعلى الرغم من كل ما سبق، يتفق الخبراء على صعوبة انخراط واشنطن الكامل في مسار التجارب العسكرية النووية، حتى وإن كان هذا المسار يلبي طموحات داخلية وخارجية. ذلك أن هذا الانخراط سيبعد دونالد ترامب عن جائزة نوبل للسلام، ويصوّره كرئيس يسعى إلى "توازن الرعب" أكثر من سعيه إلى تعميم السلام في العالم.

كما أن له تداعيات مالية باهظة على الموازنة الأمريكية التي تعاني حاليًا من "إغلاق حكومي" شامل يهدد بتعليق البحث العلمي، وحجب رواتب القوات الأمريكية، وتعليق عمل 750 ألف موظف اتحادي، بخسائر يومية تُقدّر بـ400 مليون دولار، في وقت تمضي حملة ترامب لتسريح 300 ألف موظف بحلول ديسمبر القادم.

ويصعب أيضًا التوصل إلى اتفاق نووي عسكري ثلاثي (صيني – روسي – أمريكي) في ظل الخلافات القائمة، فإذا فشلت الجهود في عقد قمة ثنائية بين ترامب وبوتين في العاصمة الرومانية بودابست، وإذا كان لقاء ترامب وبينغ مخيبًا للآمال، فكيف يمكن التفكير في تفاهم ثلاثي حول ملف معقد يبدأ بالسلاح، ويمر بالتطور التقني، ولا ينتهي عند مقتضيات الردع؟

وإلى حين اتضاح طبيعة التهديد الأمريكي، ووضوح الخطوات القائمة والقادمة حيال التجارب العسكرية النووية، من حق العالم أن "يحبس أنفاسه"، مترقبًا تطورات الأحداث بين القوى النووية، راجيًا ألّا تتعاظم كرة الثلج، وألّا تخرج الأمور عن السيطرة. (ارم نيوز)

مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك