Advertisement

عربي-دولي

أنقرة خارج مشهد غزة.. لماذا يستبعد نتنياهو تركيا من قوة الاستقرار؟

Lebanon 24
11-11-2025 | 16:00
A-
A+
Doc-P-1441011-638984866596497923.png
Doc-P-1441011-638984866596497923.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "تركيا لن تكون في غزة، لا الآن ولا لاحقًا"، مستبعدًا مشاركتها في القوة الدولية المؤقتة المزمع تكليفها بتثبيت الاستقرار في القطاع. واعتُبرت الرسالة مزدوجة لواشنطن وأنقرة، إذ تبرّر تل أبيب موقفها بصلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحركة حماس.
Advertisement
 
ويرى مراقبون أن هذا الإعلان الإسرائيلي لا يُقرأ بمعزل عن تصاعد التوتر القضائي والسياسي بين البلدين، حيث يأتي بعد أن أصدرت المحاكم التركية مذكرات توقيف بحق نتنياهو وعدد من وزرائه بتهم الإبادة الجماعية في غزة.

كما يأتي في لحظة تتقاطع فيها ملفات السياسة الداخلية الإسرائيلية مع ضغوط خارجية متزايدة لإعادة رسم ملامح المرحلة المقبلة في القطاع، حيث تواصل واشنطن الدفع بخطة قوة الاستقرار الدولية التي يُفترض أن تحل تدريجياً محل الجيش الإسرائيلي.

قرار نتنياهو أثار سلسلة من التساؤلات حول مدى استطاعة إسرائيل فعلاً منع تركيا من التواجد في غزة، في ظل الزخم الدبلوماسي الذي تحظى به أنقرة لدى واشنطن، وما إذا من الممكن تجاوز الدور التركي الذي ساهم في بلورة اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ، والذي حمل توقيعها إلى جانب الولايات المتحدة ومصر وقطر.

في السياق يؤكد أستاذ العلوم السياسية بدر الماضي أن الموقف الإسرائيلي الرافض لوجود قوات تركية في غزة ينبع أساسا من غياب الثقة العميقة التي تميز طبيعة العلاقة بين الجانبين الإسرائيلي والتركي، ولا سيما في ظل حكومة بنيامين نتنياهو.

ويشير الماضي في حديث لـ "إرم نيوز" إلى أن العلاقات السياسية بين الطرفين اتسمت تاريخيا بالتوتر، رغم وجود بعض المصالح التجارية المحدودة التي استمرت في فترات معينة، إلا أن تلك المصالح، كما يقول، لم تنجح في إزالة حالة الريبة المتبادلة بين الدولتين؛ إذ ظلت إسرائيل تنظر بعين الشك إلى توجهات أنقرة ودورها الإقليمي المتنامي.

ويرى الماضي أن نتنياهو يعتبر أن النفوذ السياسي التركي في المنطقة ساهم إلى حد كبير في توسيع رقعة العداء لإسرائيل داخل العالمين العربي والإسلامي، مضيفا أن هذا النفوذ أفضى بحسب الرؤية الإسرائيلية إلى تعزيز صورة إسرائيل كدولة رافضة للسلام وغير قادرة على التعايش مع الواقع الإقليمي الجديد، وهو ما جعل من الصعب على حكومة نتنياهو القبول بأي حضور تركي في المشهد الأمني لغزة. 

ويؤكد الماضي أن هذا العامل هو السبب الجوهري وراء الرفض الإسرائيلي لأي وجود تركي ضمن قوة الاستقرار الدولية المحتملة، مرجحا في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة لن تمانع في الرضوخ للمطالب الإسرائيلية بهذا الشأن، حفاظًا على التنسيق الأمني القائم بين واشنطن وتل أبيب.

ويضيف أن ثمة مخاوف إسرائيلية أخرى تتعلق باحتمال أن يشكل الوجود التركي في غزة عاملا مساعدا في إعادة إنتاج حركة حماس أو دعمها بشكل غير مباشر في المستقبل، فمن وجهة النظر الإسرائيلية، قد تسهم القوات التركية بحكم علاقاتها السابقة مع الحركة في خلق بيئة تسمح بإعادة بناء البنية التنظيمية أو العسكرية لحماس، سواء على المدى القريب أو البعيد.

ويحذر الماضي من أن هذه القراءة الإسرائيلية تجعل من الرفض مسألة أمن قومي وليست مجرد قرار سياسي؛ إذ ترى تل أبيب أن السماح لأي نفوذ تركي في غزة قد يمهد، بمرور الوقت، لظهور قوة عسكرية جديدة أو تشكيلات مسلحة قد تُستخدم مستقبلًا ضد إسرائيل.

ومن هذا المنطلق، يخلص الماضي إلى أن إسرائيل تواجه مشكلة بنيوية في تعاملها مع أي دور تركي في الإقليم، فأنقرة بالنسبة لصانعي القرار في تل أبيب لم تعد مجرد خصم سياسي، بل باتت فاعلًا إقليميا مؤثرا قادرا على تغيير موازين القوى في الملفات الفلسطينية والعربية؛ وهو ما يجعل من الصعب على إسرائيل قبول أي دور تركي في مستقبل غزة أو في ترتيبات اليوم التالي للحرب.

ومن جهته يرى المحلل السياسي حسن جابر أن الرفض الإسرائيلي يكشف عن نية لإجهاض مخططات الاستقرار التي لا تتوافق تماماً مع شروط تل أبيب، فعلى المستوى السياسي يؤكد أنه لا ينبغي الاعتقاد بأن نتنياهو يتعامل مع خطة ترامب كفرصة حقيقية للسلام، بل على العكس يمكن تفسير اعتباره لها كوثيقة يجب تفكيكها من محتواها لضمان السيطرة الكاملة على اليوم التالي في غزة.

ويقول جابر في حديث لـ "إرم نيوز" إن نتنياهو يعلم أن وجود قوة إقليمية قوية ذات ثقل كتركيا قد يفرض توازنا سياسيا على الأرض، وهذا يتعارض مع الهدف الإسرائيلي المطلق وهو السيطرة الأمنية الكاملة دون رقابة فعلية.

ويؤكد أن هذا التكتيك هو وسيلة فعالة لتصدير الأزمة السياسية الداخلية العميقة التي يعيشها نتنياهو منذ السابع من أكتوبر، خاصة مع سعيه باستمرار لكسب الوقت عبر إطالة أمد حالة الطوارئ أو على الأقل القبول بهدنة مؤقتة ومشوهة لا تنهي الصراع فعلياً.

ويردف جابر بالقول: إن رفض المشاركة التركية يخدم هذه الاستراتيجية عبر إظهاره لقاعدته ولليمين المتطرف أنه يحارب قوى معادية وأنه لا يتنازل عن أمن إسرائيل؛ ما يحول الأنظار عن المطالبات الداخلية بضرورة محاسبته وتقديمه للقضاء. 

وفي وقت تتمسك فيه إسرائيل بما تصفه الحق السيادي في تحديد الدول المشاركة ضمن أي قوة أجنبية على الأرض، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن القرار النهائي قد لا يكون بيد تل أبيب وحدها، خاصة إذا حصلت القوة على تفويض من مجلس الأمن؛ وهو ما يدفع نحوه دول عربية وإسلامية بدعم أمريكي.

في المقابل، تؤكد واشنطن عبر تصريحات متكررة من نائب الرئيس جيه دي فانس أن تركيا يمكن أن تضطلع بدور بناء، مشددة على أن الولايات المتحدة لن تفرض شيئًا على إسرائيل لكنها في الوقت نفسه ترى أن وجود أنقرة قد يسهل التواصل مع حركة حماس ويضمن تنفيذ الترتيبات الأمنية والإنسانية على الأرض.

هذا التباين بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي فتح باباً لتساؤلات عميقة، حول خشية إسرائيل من النفوذ التركي في الساحة الفلسطينية، أو من الصورة الرمزية التي سيجنيها أردوغان في الداخل التركي والعالم الإسلامي إذا رُفع العلم التركي في غزة. (ارم نيوز)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك