ذكر موقع "Middle East Forum" الأميركي أنه "في السابع من تشرين الثاني 2025، ألقى عبد الملك الحوثي خطاباً مصوراً أمام المؤتمر الوطني العربي الرابع والثلاثين في بيروت، ولم يتحدث بصفته قائداً للمتمردين بل كشخص منتصر. وتفاخر الحوثي بـ"الإنجازات العسكرية" لحركته خلال العامين الماضيين: أكثر من 1800 عملية شملت صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات من دون طيار وضربات بحرية، كما وزعم أن 228 سفينة تابعة لـ"دول معادية" استُهدفت، مما أجبر إسرائيل، على حد قوله، على إغلاق ميناء إيلات لمدة عامين. وأكد الحوثي أيضًا أن قواته أسقطت 22 طائرة أميركية مسيّرة من طراز MQ-9، وتصدت لخمس حاملات طائرات أميركية في البحر الأحمر، ودحرتها من خلال ما وصفه بـ"التكتيكات اليمنية الفعّالة"."
وبحسب الموقع، "رغم المبالغة في هذه الادعاءات، إلا أنها تكشف عن اعتقاد داخل حركة الحوثيين بأنها تجاوزت حدود الحرب الأهلية في اليمن لتصبح طرفًا إقليميًا، إن لم يكن عالميًا. وفي الواقع، لم يكن خطاب الحوثي موجهًا إلى اليمنيين، بل إلى المجتمع الدولي، مرسلًا رسالة تحدٍّ مفادها أن حركته أصبحت الآن رأس حربة لما يُسمى "محور المقاومة"
الإيراني، القادر على تهديد ممرات الشحن العالمية. إن الاستجابة الدولية المترددة والمجزأة لا تؤدي إلا إلى تعزيز تصور صعود الحوثيين، على الأقل سياسيا إن لم يكن عسكريا".
وتابع الموقع، "منذ هدأت الحرب في غزة، استعادت آلة الدعاية الحوثية زخمها، وأصدرت تهديدات جديدة تجاه الدول الإقليمية. وتشير التسريبات الدبلوماسية إلى وجود مفاوضات خلف الكواليس بين الجماعة والجهات الفاعلة الإقليمية، والتي تشمل، على ما يبدو، تنازلات اقتصادية ولوجستية، بما في ذلك إنشاء شركة طيران يديرها الحوثيون، وإعادة تنشيط الموانئ الثلاثة في الحديدة، وتخفيف بعض العقوبات.وتشير مثل هذه الإيماءات إلى تحول خطير من الاحتواء إلى التكيف، مما يضفي الشرعية على النفوذ الذي تسعى
إيران إلى توسيعه من خلال وكلائها الإقليميين".
وأضاف الموقع، "في 15 تشرين الأول 2025، أكد تقرير صادر عن فريق خبراء
الأمم المتحدة أن الأسلحة لا تزال تتدفق إلى الحوثيين عبر شبكات التهريب البحرية والبرية التي لا يشملها الحظر، وحدد التقرير أن الأسلحة المضبوطة هي إيرانية الصنع، كما وثق الدعم المالي والفني والتدريبي من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وحزب الله. وخلص الخبراء إلى أن حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على اليمن أصبح "رمزيا" إلى حد كبير، مع ضعف إجراءات التفتيش وانسحاب الدوريات البحرية الدولية".
وبحسب الموقع، "لم تعد التحذيرات تقتصر على حدود اليمن. ففي حديثه خلال حوار المنامة في 7 تشرين الثاني 2025، وصف
وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس الحوثيين بأنهم تهديد دولي ناشئ للأمن البحري، وأكد أن قبرص، التي من المقرر أن تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 2026، لديها مصلحة مباشرة في حماية الملاحة لثلاثة أسباب رئيسية: امتلاكها أحد أكبر الأساطيل التجارية في العالم وثالث أكبر أسطول في الاتحاد الأوروبي، وموقعها الاستراتيجي الذي يربط
الشرق الأوسط وأوروبا، والحوادث البحرية الـ12 المرتبطة بالحوثيين والتي عطلت مصالح الشحن القبرصية على مدى العامين الماضيين.
وأشار كومبوس إلى أن الحوثيين حولوا العدوان البحري إلى أداة اتصال استراتيجية، حيث يصورون أنفسهم كمدافعين عن القضية
الفلسطينية، في حين يستخدمون هجمات منخفضة التكلفة وعالية التأثير أدت إلى تقليص حركة المرور عبر قناة السويس والبحر الأحمر بنحو 60 في المائة. كما وحذر من مفارقتين خطيرتين: أولا، أن التأثير المتواضع على سلاسل التوريد خلق شعورا زائفا بالسيطرة، وثانيا، في حين يواصل الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات على
روسيا، فإنه ترك البحر الأحمر بمثابة "نقطة عمياء" في استراتيجيته الأوسع".
وتابع الموقع، "في حين وصف الوزير القبرصي فشل أوروبا في تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بأنه "تناقض استراتيجي" يجب على أوروبا تصحيحه، إلا أنه لم يتطرق إلى التصورات المتناقضة داخل الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالتهديد الحوثي، الذي يهدد الآن الأمن الأوروبي والعالمي. والأمر الحاسم هنا هو أن أحد الحسابات الأوروبية غير المعلنة التي تحرك هذه الاستجابة الدفاعية البطيئة هو التوقع بأن
الولايات المتحدة سوف تنشر في نهاية المطاف القوة والموارد البحرية الهجومية اللازمة، كما أظهرت عملية "الراكب الخشن" والضربات اللاحقة، لمنع إغلاق نقاط الاختناق البحرية العالمية، مما يسمح لأوروبا بالاستفادة بشكل فعال من الإنفاق الأمني الأميركي والمخاطرة. في غضون ذلك، يواجه المجلس القيادي الرئاسي اليمني، الذي تم إنشاؤه في نيسان 2022 ليحل محل الرئيس عبد ربه منصور هادي، أضعف مراحله وأكثرها انقساما حتى الآن. وتسعى الفصائل المتنافسة إلى تحقيق أجندات متباينة بدلاً من السعي إلى استراتيجية موحدة لاستعادة صنعاء أو استعادة سلطة الدولة. وفي الواقع، لقد دخل الحوثي إلى هذه الحالة من الفشل، مدعوماً بالدعم الإيراني المستمر، والرضا الدولي، والمنطقة المتلهفة للهدوء بأي ثمن".
وأضاف الموقع، "الفصائل اليمنية الشرعية الوحيدة التي تقف في طريق الحوثيين هي المجلس الانتقالي الجنوبي، وألوية العمالقة الجنوبية، والمقاومة الوطنية التي تحتل المنطقة المحيطة بالمخا، جنوب الحديدة مباشرة. لقد اعترضت هذه القوات عدة شحنات من مكونات الصواريخ والطائرات المسيّرة كانت متجهة إلى أراضي الحوثيين في الأشهر الأخيرة، وتؤكد نجاحاتها المتفرقة الحاجة الملحة إلى دعم دولي منسق لمنع ترسيخ الحوثيين لسلطتهم. المسار واضحٌ جليّ: حركةٌ كانت محاصرةً في جبال صعدة، تطوّرت لتصبح قوةً عابرةً للحدود تُشكّل أمن البحر الأحمر وخليج عدن وطرق الطاقة العالمية، وإذا استمرّ المجتمع الدولي في سياسة الاسترضاء والاحتواء بدلًا من المواجهة، فسيجني الحوثيون ثمارَ مرحلة ما بعد غزة، تمامًا كما استغلّوا لحظاتٍ سابقةً من التشتت العالمي. إن الحقيقة التي يجب فهمها بشأن الحوثيين هي أن بقاءهم، وربما نفوذهم المتزايد، يعكس تحولاً أعمق: إعادة ظهور الجغرافيا السياسية على غرار الحرب الباردة، حيث تتنافس القوى من خلال الصراعات الإقليمية والحروب بالوكالة".
وختم الموقع، "إن الفشل في تفكيك الحوثيين سيُشير إلى استسلامٍ للتوسع الإيراني في الشرق الأوسط. لذا، لم يعد السؤال المُلحّ مجرد قدرة الحوثيين على الانتصار، بل: هل يستطيع العالم تحمّل تكلفة انتصارهم؟"