Advertisement

إقتصاد

أميركيون أكثر ثراءً ماديًا.. فلماذا يشعرون بأنهم أفقر؟

Lebanon 24
06-12-2025 | 13:28
A-
A+
Doc-P-1451691-639006498890088812.png
Doc-P-1451691-639006498890088812.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يتصاعد في الولايات المتحدة جدل اقتصادي–اجتماعي حول سؤال واحد: لماذا يشعر الأميركيون بأنهم أكثر فقرًا رغم أن الأرقام لا تقول ذلك؟ الشرارة بدأت مع تقدير مدير الأصول مايكل غرين، الذي قال إن الأسرة الأميركية تحتاج إلى نحو 140 ألف دولار سنويًا لتعيش "من دون ضغوط"؛ أي أكثر بحوالي 70% من متوسط الدخل الفعلي. ورغم تفنيد أخطاء منهجية في حساباته، فإن مقالته لامست إحساسًا متزايدًا لدى جزء واسع من الطبقة المتوسطة: تراجع الاستقرار المالي، حتى من دون تدهور واضح في المؤشرات الكبرى.
Advertisement
 
تكاليف أساسية ترتفع.. وميزانية تُعاد تشكيلها

تُظهر البيانات أن ما يصيب الطبقة المتوسطة الأميركية فعلاً هو ارتفاع حاد في تكاليف الخدمات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها. 
وتشمل هذه الزيادات على المدى الطويل والقصير الرعاية الصحية "+3 نقاط مئوية من الدخل المتاح"، رعاية الأطفال "+2 نقطة"، السكن "+4 نقاط"، والطعام "+1 نقطة"، وبهذه الزيادات، ارتفعت حصة الإنفاق الإلزامي من ثلث الدخل المتاح للأسر المتوسطة إلى نحو النصف، وهو تغيير كبير في تركيبة الميزانية العائلية الأميركية، وفق فايننشال تايمز.

لكن المفارقة هي أن الإنفاق الإجمالي للأسر الأميركية لم يرتفع عن مستواه التاريخي؛ بل إنه في بعض الأحيان أقل مما كان عليه عندما كانت تلك الخدمات أرخص بالقيمة الحقيقية. فقد ساهم الانخفاض الكبير في أسعار الملابس والإلكترونيات والأجهزة المنزلية — نتيجة الإنتاج واسع النطاق والعولمة — في تعويض ارتفاع تكلفة الخدمات الحيوية.

لا يقتصر هذا النمط على الولايات المتحدة. فجميع الاقتصادات المتقدمة تقريبًا تشهد الظاهرة نفسها وهي ارتفاع تكلفة الخدمات الأساسية مقابل انخفاض أسعار السلع المصنعة، ورغم أن ذلك يبدو كأنه دليل على تراجع مستوى المعيشة، إلا أن الاقتصاديين يشيرون إلى أنه دليل على ازدهار اقتصادي أعمق.

ويعود ذلك إلى مفهوم اقتصادي قديم وضعه ويليام بومول عام 1967، يفيد بأن الإنتاجية ترتفع بسرعة في القطاعات الصناعية، ما يخفض أسعار السلع، فيما لا ترتفع الإنتاجية بالوتيرة نفسها في الخدمات الشخصية مثل التعليم والرعاية الصحية، لأنها تعتمد على العمل البشري المباشر، ولجذب العمال إلى هذه القطاعات غير العالية الإنتاجية، يجب رفع الأجور فيها، ومع ارتفاع الأجور، ترتفع تكلفة هذه الخدمات على المستهلك، والنتيجة أنه كلما ازداد البلد ثراءً، ازدادت تكلفة الخدمات الأساسية مقارنة بالسلع الاستهلاكية.

تقدّم رعاية الأطفال وكبار السن مثالًا صارخًا في الماضي، كان أفراد الأسرة (غالبًا النساء) يؤدون هذه الأعمال دون مقابل، لعدم وجود فرص عمل توفر دخلاً مجزيًا، أما اليوم ومع توسع فرص العمل وارتفاع الأجور، أصبح البقاء في المنزل لتقديم الرعاية خسارة مالية كبيرة، ما أدى إلى ازدهار قطاع الرعاية المدفوعة وارتفاع تكلفته، وبمعنى آخر فأن ارتفاع تكلفة الخدمات هو نتيجة مباشرة لازدياد ثروة المجتمع، وليس العكس.

تشير البيانات إلى أن الأميركيين ليسوا أفقر مما كانوا عليه في الماضي، لكنهم يشعرون بذلك لأن الإنفاق الإلزامي أصبح يحجز مساحة أكبر من دخلهم، ما يقلّص هامش الراحة المالية. هذا الشعور حقيقي، وإن لم يكن مرآة دقيقة للأرقام الاقتصادية.

وتوضح فايننشال تايمز أن الأميركيون اليوم أكثر ازدهارًا مما كانوا عليه قبل عقود، لكنهم يشعرون بضغط مالي أكبر — لأن تكلفة الخدمات التي يعتمدون عليها ترتفع كلما ارتفع مستوى المعيشة نفسه. (CNBC)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك