يثير تسارع التحركات الدولية نحو إنشاء قواعد عسكرية واستغلال الممرات الإستراتيجية في جمهورية الكونغو الديمقراطية تساؤلات جدية حول ما إذا كانت البلاد تنزلق تدريجياً لتصبح بوابة رئيسية للنفوذ العسكري في شرق أفريقيا، مستفيدة من موقعها الجغرافي الحساس وثرواتها المعدنية الهائلة.
ففي ظل الحرب بين الجيش الكونغولي وحركة "أم 23" المتمردة، وجدت قوى دولية عدة فرصة لترسيخ حضور أمني وعسكري لها، بالتوازي مع نجاح
الولايات المتحدة في رعاية اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا اعتُبر مفصلياً بالنظر إلى
آفاق إنهاء حرب دامية مستمرة منذ سنوات، رغم أن المعارك المتجددة وسيطرة "أم 23" على مدن جديدة تهدد عملياً اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في
واشنطن.
ويقول المحلل المتخصص في الشأن الأفريقي محمد تورشين إن "الكونغو الديمقراطية، بحكم موقعها في قلب القارة وحجم مواردها من الكوبالت والليثيوم وغيرهما المرتبطة بالصناعات الدفاعية والتكنولوجية المتقدمة، تحولت إلى ساحة تنافس دولي واضح"، موضحاً أن "العديد من القوى تسعى إلى تثبيت وجود قرب ميناء لوبيتو وعقد صفقات لاستغلال هذه الثروات، فيما تُستخدم القواعد العسكرية لحماية المصالح الاقتصادية أكثر مما تُستخدم لإشعال حروب".
وفي السياق ذاته، يربط
الخبير الاقتصادي إبراهيم كوليبالي بين ما يجري في الكونغو الديمقراطية وبين التزاحم الأوسع في شرق أفريقيا المطلة على
البحر الأحمر، الذي يُعد شرياناً تجارياً حيوياً لقوى كبرى مثل
الصين والولايات المتحدة، قائلاً إن "مشاريع البنى التحتية، كخطوط السكك الحديدية لتأمين
المعادن النادرة المستخرجة من دول مثل تنزانيا، تدفع باتجاه حضور أمني متزايد، خصوصاً بعد الهجمات التي استهدفت في السابق عمالاً أجانب"، ليخلص إلى أن "العنوان
الظاهر هو الأمن، لكن الجوهر هو حماية الاستثمارات والنفوذ في واحدة من أكثر المناطق حساسية في القارة". (ارم نيوز)