في وقت تحاول فيه
الولايات المتحدة دفع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نحو مرحلته الثانية، تواصل
إسرائيل ربط أي تقدّم عملي بشرط نزع سلاح
المقاومة، وفق ما يؤكد محللون.
وبالتزامن مع استعداد رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة
واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي
دونالد ترامب، أعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال رائد سعد، الذي وصفه بأنه مسؤول التصنيع العسكري في كتائب القسام، في عملية اعتبرتها حماس خرقًا واضحًا للاتفاق. وبرّرت إسرائيل العملية بأنها ردّ على تفجير عبوة ناسفة، ونُفذت بموافقة نتنياهو ومن دون إبلاغ واشنطن.
ويرى الخبير في الشؤون
الإسرائيلية مهند مصطفى أن توقيت الاغتيال يحمل رسائل متعددة: أولها للداخل الإسرائيلي بأن نتنياهو سيحافظ على حرية العمل العسكري في غزة حتى خلال المرحلة الثانية، وثانيها لحماس بأن إسرائيل لن تقبل بوجودها في القطاع، وثالثها للولايات المتحدة بأن نزع السلاح سيبقى شرطًا أساسيًا لأي انتقال سياسي.
من جهته، اعتبر المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايك فايفل أن غياب نزع سلاح حماس وتشكيل قوة دولية لحفظ الاستقرار يعني استمرار العمليات الإسرائيلية وصعوبة الانتقال إلى المرحلة الثانية. وأشار إلى أن واشنطن لا تعارض هذه الاغتيالات طالما أنها لا تعرقل خطة
ترامب، معتبرًا أن أي تهدئة دائمة تتطلب نزع سلاح الفصائل وتشكيل قوة أمنية فلسطينية بدعم دولي.
ويرى محللون فلسطينيون، بينهم إياد القرا، أن إسرائيل ماضية في سياسة الاغتيالات بغضّ النظر عن مسار الاتفاق، بهدف الاحتفاظ بحق الاستهداف في كل المراحل المقبلة، ما يضع الجانب الفلسطيني في موقف ضعيف، لا يملك فيه سوى الضغط عبر الوسطاء.
ويؤكد مصطفى أن إسرائيل صعّدت عسكريًا بعد استعادة أسراها الأحياء، مدركة أنها لن تواجه أي كلفة سياسية حقيقية ما لم تفرضها الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن نتنياهو لن يقبل بأي صيغة للمرحلة الثانية قد تهدد تماسك حكومته، حتى لو جاءت بضغوط أميركية.
أما أستاذ النزاعات الدولية إبراهيم فريحات، فيرى أن إسرائيل والولايات المتحدة باتتا تمسكان بكل أوراق الضغط، وأن واشنطن تتغاضى عن الخروقات الإسرائيلية وتترك لها الملف الأمني، بهدف زيادة الضغط على حماس لنزع سلاحها. ويضيف أن إصرار إسرائيل على هذا الشرط عطّل جهود تشكيل قوة دولية، في ظل رفض دول عدة الانخراط في مواجهة مباشرة مع
الفلسطينيين.
ويخلص فريحات إلى أن المقاومة تمر بمرحلة صعبة، مع ترجيح رفض واشنطن لأي مبادرات لا تنسجم مع رؤيتها، معتبرًا أن إدارة ترامب قد تؤجّل ملف نزع السلاح إلى ما بعد تشكيل قوة الاستقرار، تمهيدًا لمفاوضات جديدة.
(الجزيرة)