تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

عربي-دولي

بين الفيدرالية والسيادة... الإتحاد الأوروبي عند مفترق طرق

Lebanon 24
14-12-2025 | 02:52
A-
A+
Doc-P-1454928-639013027778205473.jpg
Doc-P-1454928-639013027778205473.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
يقف الاتحاد الأوروبي اليوم أمام مفترق تاريخي حاسم، مع تصاعد الصراع بين دعاة تعزيز المركزية في بروكسل وأنصار الحفاظ على سيادة الدول الأعضاء، في جدل يعيد طرح السؤال الجوهري حول طبيعة المشروع الأوروبي: اتحاد فيدرالي موحّد أم شراكة بين دول ذات سيادة.

هذا النقاش عاد إلى الواجهة بقوة بعد تقرير أصدره ماريو دراغي في أيلول 2024 حول مستقبل التنافسية الأوروبية، دعا فيه إلى إلغاء حق النقض والانتقال إلى التصويت بالأغلبية المؤهلة، بما يسرّع اتخاذ القرار وينقل صلاحيات إضافية من العواصم الوطنية إلى المؤسسات المركزية. غير أن منتقدين، بينهم الباحث نوربرت سزاري، اعتبروا التقرير انعكاساً لرؤية نخب الاتحاد، ومحاولة لتضخيم التحديات وتحويلها إلى أزمة وجودية تبرّر تقليص السيادة الوطنية.

وفي مناظرات لاحقة في بروكسل، حذّر أعضاء في البرلمان الأوروبي من إعادة صياغة العلاقة بين الاتحاد والدول الأعضاء بطريقة توحي بالتبعية بدل الشراكة، فيما انتقدت شخصيات سياسية من أوروبا الوسطى، على رأسها ممثلون عن المجر، فكرة "الولايات المتحدة الأوروبية"، مؤكدة أن الوحدة لا يمكن أن تأتي على حساب الحرية والهوية.

الانقسام لا يقتصر على السياسة، بل يمتد إلى ملف السيادة الرقمية، الذي تحوّل إلى ساحة مواجهة جديدة. ففي قمة فرنسية-ألمانية عُقدت أواخر 2025، برز خلاف واضح بين رؤية فرنسية تميل إلى مركزية أوروبية صارمة، ونهج ألماني يفضّل الانفتاح والتكامل العالمي. ويحذّر خبراء من أن مفهوم السيادة الرقمية بات فضفاضاً، ويُستخدم لتبرير مشاريع مكلفة من دون استراتيجية واضحة.

اقتصادياً، ورغم تسجيل نمو يفوق التوقعات مطلع 2025، لا تزال التحديات البنيوية قائمة، وسط انتقادات لنهج تنظيمي وتكنوقراطي يُخشى أن يهمّش البعد الديمقراطي لصالح المنافسة مع الولايات المتحدة والصين. هذا التوجه يعمّق الانقسام داخل الاتحاد، الذي تُظهر استطلاعات الرأي تفاوتاً كبيراً في مستويات الثقة به بين دولة وأخرى.

وفي هذا السياق، عاد مبدأ "التبعية" أي اتخاذ القرار على أقرب مستوى من المواطنين إلى الواجهة، بعدما اتُّهم الاتحاد بتهميشه عملياً لصالح جذب السلطة نحو بروكسل. ويرى محللون أن هذا الخلل البنيوي يفسّر تعثر تنفيذ السياسات الأوروبية رغم وضوح أهدافها.

ومع اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي، يُتوقع أن يحتدم الصراع بين التيارين الفيدرالي والسيادي، وسط مؤشرات إلى صعود القوى المشككة بالتكامل الأوروبي. وبين ضغوط الجغرافيا السياسية والحاجة إلى العمل المشترك من جهة، وتصاعد المخاوف من تآكل السيادة والهوية من جهة أخرى، يبدو أن مستقبل الاتحاد الأوروبي سيتوقف على قدرته على إيجاد توازن دقيق بين الفعالية الجماعية والديمقراطية الوطنية.

هذا التوازن، كما يجمع المراقبون، سيحدد ما إذا كان الاتحاد قادراً على الاستمرار كنموذج فريد للحكم المشترك، أم أنه يتجه إلى مزيد من الانقسام تحت وطأة تناقضاته الداخلية.
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك