ذكر موقع "Middle East Forum" الأميركي أنه "بعد فترة وجيزة من انهيار نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، ألغت الحكومة السورية المؤقتة بقيادة هيئة تحرير الشام الخدمة العسكرية الإلزامية، منهية بذلك ممارسة كانت سارية منذ أن نالت سوريا استقلالها عن فرنسا عام 1946. وكان الدافع وراء هذا القرار هو أن السوريين لم يعودوا يثقون بالنظام العسكري، الذي استخدمه النظام السابق كأداة لارتكاب الفظائع طوال الحرب الأهلية التي استمرت أربعة عشر عامًا، كما كان ذلك وسيلة لتحفيز عودة الرجال الذين فروا هربًا من التجنيد الإجباري".
وبحسب الموقع، "بعد مرور عام على اتخاذ ذلك القرار، قد يكون النظام الذي حلّ محل النظام السابق أكثر إثارة للقلق في السنوات المقبلة. فخلال الاستعراضات العسكرية التي أقيمت بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد في 8 كانون الأول، أظهر جنود الجيش السوري الجديد نقيضاً تاماً لما يُفترض أن يكون عليه الجيش المحترف. ففي أحد الاستعراضات، رددت القوات شعارات مؤيدة لغزة، وفي استعراض آخر، وجهت تهديدات صريحة ضد اليهود. وفي تجمع منفصل، هدد قائد عسكري باستخدام السيف ضد القوات الكردية في الشمال الشرقي، بينما أعرب مسلح آخر معروف، يرأس الآن فرقة عسكرية، عن استعداده لمهاجمة المناطق الكردية".
وتابع الموقع، "قد لا يكفي عام واحد لبناء جيش محترف، ففي نهاية المطاف، صُممت المؤسسات العسكرية للأسد، التي تفككت بعد سقوطه، لحماية سلالة الأسد، معتمدةً على الولاء لا على العقيدة الوطنية، لكن السلطات الإسلامية الجديدة في البلاد لا تختلف عنها. ومنذ توليها السلطة، تورطت الفصائل الإسلامية والجهادية المارقة التي شاركت في الهجوم لإسقاط الأسد، والتي تشكل الآن جوهر الجيش الجديد، في مجازر ضد العلويين والدروز، وتواصل ارتكاب انتهاكات في كل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وتمت ترقية عناصر الميليشيات الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات لارتكابهم جرائم ضد المدنيين إلى مناصب عليا في الجيش الجديد. وبإفلات تام من العقاب، يواصلون إدارة وحداتهم بعقلية تشبه عقلية الميليشيات".
ورأى الموقع أن "إلغاء التجنيد الإجباري يعني أن حكومة الرئيس المؤقت أحمد الشرع باتت هي من يقرر من يحق له الالتحاق بالجيش. وقد أطلقت السلطات حملة إعلانية لتشجيع الشباب على التسجيل في الجيش، لكن من غير الواضح عدد الملتحقين، إذ لا تنشر وزارة الدفاع مثل هذه البيانات، وفي شباط، ادعى الشرع أن "آلافًا" ينضمون إلى جيشه. وإذا كان للعنف الأخير والحوادث الأخرى دلالة، فهي أن الجيش لا يفتقر إلى الانضباط فحسب، بل يخضع أيضاً لتلقين أيديولوجي يُثير استياء من لا يتفقون مع أسلوب حكم الشرع. ولا يزال احتمال بناء جيش محايد ومهني في سوريا بعيد المنال، في ظل استمرار الشرع في ترسيخ قبضته على قطاعات رئيسية من الحكومة ومؤسسات الدولة".
وبحسب الموقع، "منذ توليه السلطة، أبد الشرع عزماً راسخاً على إقامة نظام دولة موالٍ له ولجماعته الإسلامية. فإلى جانب الرئاسة وقيادة القوات المسلحة، نصب نفسه رئيساً للجمهورية ورئيساً لمجلس الأمن القومي، ومنح نفسه أيضاً صلاحية تعيين ثلث أعضاء البرلمان السوري المؤقت مباشرةً، بينما تم انتخاب الباقي عبر لجان اختارتها المفوضية العليا للانتخابات التابعة له. وبسبب هوسه الواضح بالسلطة، يسعى الشرع إلى بناء جيش يعمل كأداة لفرض سلطته وتخويف خصومه بدلاً من قوة وطنية مكرسة لحماية البلاد وشعبها. لا يُشكّل الجيش السوري، بصيغته وطبيعته الحالية، تهديداً للأمن الداخلي والتماسك الاجتماعي فحسب، بل يُهدد أيضاً الاستقرار الإقليمي. فعلى الصعيد الداخلي، فإن حقيقة سيطرة الفصائل الإسلامية المتطرفة على البلاد تقوض أي فرصة للحوار والمصالحة. وعلى الصعيد الإقليمي، يُنذر خطابها العدائي بتأجيج التوترات مع الدول المجاورة. قد يُنظر إلى هذا الخطاب حاليًا على أنه مجرد كلام، لكن مع ازدياد الدعم الذي يحظى به الجيش وتوطيد سلطته، قد يتحول إلى أفعال ذات عواقب وخيمة".
وختم الموقع، "في ظل الظروف الراهنة، سيكون من الصعب على القيادة المركزية الأميركية بناء شراكة طويلة الأمد مع الجيش السوري، لا سيما بعد انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ورغم أن هذه الشراكة محدودة النطاق حاليًا، إلا أنها لا تزال مقيدة بعدم احترافية الجيش السوري، وتشرذمه الداخلي، وتوجهه الأيديولوجي".